بأعمالكم التي كنتم داومتم على عملها في الدنيا .
وهو القاهر فوق عباده فلا يعجزه أحد منهم ولا يحول بينه سبحانه وبين ما يريده فيها و فوق نصب على الظرفية حال أو خبر بعد خبر وقد تقدم الكلام مبسوطا فيما للعلماء في هذه الآية ويرسل عليكم حفظة من الملائكة وهم الكرام الكاتبون المذكورون في قوله تعالى : وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين أو المعقبات المذ : ورة في قوله سبحانه : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وقيل : المراد ما يشمل الصنفين ويقدر المحفوظ الأعمال والأنفس الأعم وعن قتادة يحفظون العمل والرزق والأجل .
والذي ذهب اليه اكثر المفسرين المعنى الاول في الحفظة وهم عند بعض يكتبون الطاعات والمعاصي والمباحات باسرها كما يشعر بذلك ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وجاء في الاثر تفسير الصغيرة بالتبسم والكبيرة بالضحك وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وقال آخرون : لا يكتبون المباحات إذ لايترتب عليها شيء .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن مع كل انسان ملكين أحدهما عن يمينه والاخر عن يساره فاذا تكلم الانسان بحسنة كتبها من على اليمين وإذا تكلم بسيئة قال من على اليمين لمن على اليسار لتنتظره لعله يتوب منها فان لم يتب كتب عليه والمشهور أنهما على الكتفين وقيل : على الذقن وقيل : في الفم يمينه ويساره واللازم الايمان بهما دون تعيين محلهما والبحث عن كيفية كتابتهما وظواهر الآيات تدل على أن الاطلاع هؤلاء الحفظة على الاقوال والافعال كقوله تعالى : ما يلفظ من قول الخ وقوله سبحانه : يعلمون ما تفعلون واما على صفات القلوب كالايمان والكفر مثلا فليس في الظواهر ما يدل على اطلاعهم عليها والأخبار بعضها يدل على الاطلاع كخبر إذا هم العبد بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة فان الهم من أمال القلب كالايمان والكفر وبعضها يدل على عدم الاطلاع كخبر إذا كان يوم القيامة يجاء بالأعمال في صحف محكمة فيقول الله تعالى اقبلوا هذا وردوا هذا فتقول الملائكة وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل فيقول سبحانه : ان عمله كان لغيري وإني لا أقبل اليوم إلا ما كان لوجهي وفي رواية مرسلة لابن المبارك إن الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد الله تعالى فيستكثرونه ويزكونه حتى يبلغوا به حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحي الله تعالى اليهم إنكم حفظة عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إن عبدي هذا لم يخلص في عمله فاجعلوه في سجين الحديث والقائل بأنهم لا يكتبون إلا الأعمال الظأهرة يقول : معنى كتبت في حديث الهم بالحسنة ثبتت عندنا وتحققت لا كتبت في صحف الملائكة .
والقائل بأنهم يكتبون الأعمال القلبية يقول باستثناء الرياء فيكتبون العمل دونه ويخفيه الله تعالى عنهم ليبطل سبحانه عمل المرائي بعد كتابته إا في الآخرة أو في الدنيا زيادة في تنكيله وتفظيع حاله ولعل هذا كما يفعل به يوم القيامة من رده إلى النار بعد تقريبه من الجنة .
فقد روى أبو نعيم والبيهقي وابن عساكر وابن النجار أنه يؤمر بناس يوم القيامة إلى الجنة حتى إذا دنوا منها واستنشقوا ريحها ونظروا قصورها وإلى ما أعد الله تعالى لأهلها نودوا أن اصرفوهم عنهما لا نصيب لهم فيها فيرجعون بحسرة ما رجع الأولون وأةخرون بمثلها فيقولون : ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثوابك وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون علينا قال : ذلك أردت بكم يا أشقياء