المعنى والمراد من يرد سبحانه أن يخلق فيه الضلال عن الحق يخلقه فيه حسب اختياره الناشيء عن استعداده وجوز بعضهم أن يكون من في موضع نصب بفعل مقدر بعده يفسره ما بعده أي من يشق أو يعذب أو يشأ اضلاله من يشأ يجعله على صراط مستقيم .
93 .
- عطف على ما تقدم والكلام فيه كالكلام فيه والآية دليل لأهل السنة على أن الكفر والايمان بارادته سبحانه وأن الارادة لا تتخلف عن المراد والزمخشري لما رأى تخرق عقيدته الفاسدة رام رفعها كما هو دابة فقال : معنى يضلله يخذله ولم يلطف به و يجعله الخ يلطف به وقال غيره : المراد من يشأ اضلاله يوم القيامة عن طريق الجنة يضلله ومن يشأ يجعله على الصراط الذي يسلكه المؤمنون إلى الجنة وهو كما ترى .
وكان الظأهر على ما قيل : أن يقال ومن يشأ يهده إلا أنه عدل عنه لأن هدايته تعالى وهي ارشاده إلى الهدى غير مختصة ببعض دون بعض ولهذا قيل في تفسير يجعله الخ أي يرشده إلى الهدى ويحمله عليه قل أرأيتكم أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلّم بأن يبكتهم ويلقمهم الحجر بما لا سبيل لهم إلى انكاره والتاء على ما قاله أبو البقاء ضمير الفاعل وما بعده حرف خطاب جيء به للتأكيد ولي اسما لأنه لو كان كذلك لكان إا مجرورا ولا جار هنا أو مرفوعا وليس من ضمائر الرفع ولا مقتضى له أيضا أو منصوبا وهو باطل لثلاثة أوجه الاول أن هذا الفعل قلبي بمعنى علم يتعدى إلى مفعولين كقولك : أرأيت زيدا ما فعل فلو جعل المذكور مفعولا لكان ثالثا .
والثاني أنه لو جعل مفعولا لكان هو الفاعل في المعنى وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك ولذلك قلت : أرأيتك زيدا وزيد غير المخاطب ولا هو بدل منه والثالث أنه لو جعل كذلك لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء فكنت تقول : أرأيتما كما وأرأيتموكم وأرأيتكن وهذا مذهب البصريين والمفعولان في هذه الآية قيل : الأول منهما محذوف تقديره أرأيتكم إياه أو إياها أي العذاب أو لاساعة الواقعين في قوله سبحانه : إن أتاكم عذاب الله أي الدنيوي حسبما أتى من قبلكم أو أتتكم الساعة أي هولها كما يدل عليه ما بعد لأن الكلام من باب التنازع حيث تنازع رأي وأتي في معمول واحد هو عذاب الله والساعة فاعمل الثاني وأضمر في الأول والثاني منهما جملة الاستفهام وهي قوله تعالى أغير الله تدعون والرابط لها بالمفعول الأول محذوف أي أغير الله تدعون لكشف ذلك وقيل : لا تنازع والتقدير أرأيتكم عبادتكم للاصنام أو ألاصنام التي تعبدونها هل تنفعكم وقيل : إن الجملة الاستفهامية سادة مسد المفعولين .
وذهب الرضى تبعا لغيره أن رأي هنا بصرية وقيل : قلبية بمعنى عرف وهي على القولين متعدية لواحد وأصل اللفظ الاستفهام عن العلم أو العرفان أو الابصار إلا أنه تجوز به عن معنى أخبرني ولا يستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة لشيء وفيه على ما قاله الكرماني وغيره تجوز أن اطلاق الرؤية وإرادة الاخبار لأن الرؤية بأي معنى كانت سبب له وجعل الاستفهام بمعنى ألأمر بجامع الطلب وقول بعضهم : إن الاستفهام للتعجيب لا ينافي كون ذلك بمعنى أخبرني لما قيل أنه بالنظر إلى أصل الكلام ونقل عن أبي حيان أن الأخفش قال : إن العرب أخرجت هذا اللفظ عن معناه بالكلية فقالوا : أرأيتك وأريتك بحذف الهمزة الثانية إذا كان بمعنى أخبرت وإذا كان بمعنى أبصرت لم تحذف همزته وألزمته أيضا الخطاب على هذا المعنى