ولا يخفى أنه دليل كاسد على مذهب فاسد ومن الناس من جعلها دليلا على أن للحيوانات بأسرها نفوسا ناطقة كما لأفراد الانسان وإليه ذهب الصوفية وبعض الحكماء الاسلاميين وأورد الشعراني في الجواهر والدرر لذلك أدلة غير ما ذكر منها أنه صلى الله عليه وسلّم لما هاجر وتعرض كل من الانصار لزمام ناقته قال E : دعوها فانها مأمورة ووجه الاستدلال بذلك أنه A أخبر أن الناقة مأمورة ولا يعقل الأمر إلا من له نفس ناطقة وإذا ثبت أن للناقة نفسا كذلك ثبت للغير إذ لا قائل بالفرق ومنها ما يشاهد في النحل وصنعتها أقراص الشمع والعناكب واحتيالها لصيد الذباب والنمل وادخاره لقوته على وجه لا يفسد معه ما ادخره وأورد بعضهم دليلا لذلك أيضا النملة التي كلمت سليمان E بما قص الله تعالى لنا عنها مما لايهتدي إلى مافيه إلا العالمون وخوف الشاة من ذئب لم تشاهد فعله قبل فان ذلك لا يكون إلا عن استدلال وهو شأن ذوي النفوس الناطقة وعدم افتراس الأسد المعلم مثلا صاحبه فان ذلك دليل على اعتقاد النفع ومعرفة الحسن وهو من شأن ذوي النفوس وأغرب من هذا دعوى الصوفية ونقله الشعراني عن شيخه علي الخواص قدس الله تعالى سره أن الحيوانات مخاطبة مكلفة من عند الله تعالى من حيث لا يشعر المحجوبون ثم قال : ويؤيده قوله تعالى وإن من أمة إلا خلا فيها نذير حيث ذكر سبحانه وتعالى الأمة والنذير وهم من جملة الأمم .
ونقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول : جميع ما في الأمم فينا حتى أن فيهم ابن عباس مثلي وذكر في الأجوبة المرضية أن فيهم أنبياء وفي الجواهر أنه يجوز أن يكون النذير من أنفسهم وأن يكون خارجا عنهم من جنسهم وحكى شيخه عن بعضهم أنه قال : إن تشبيه الله تعالى من ضل من عباده بالأنعام في قوله سبحانه وتعالى : إن هم كالأنعام ليس لنقص فيها وإنما هو لبيان كما مرتبتها في العلم بالله تعالى حتى حارت فيه فالتشبيه في الحقيقة واقع الحيرة لا في المحار فيه فلا أشد حيرة من العلماء بالله تعالى فأعلى ما يصل إليه العلماء بربهم سبحانه وتعالى هو مبتدأ البهائم الذي لم تنتقل عنه أي عن أصله وان كانت منتقلة من شؤونه بتنقل الشؤون الألهية لأنها لا تثبيت على حال ولذلك كان من وصفهم الله D من هؤلاء القوم أضل سبيلا من الأنعام لأنهم يريدون الخروج من الحيرة من طريق فكرهم ونظرهم ولا يمكن ذلك لهم والبهائم علمت ذلك ووقفت عنده ولم تطلب الخروج عنه وذلك لشدة علمها بالله تعالى أه .
ونقل الشهاب عن ابن المنير أن من ذهب الى أن البهائم والهوام مكلفة لها رسل من جنسها فهو من الملاحدة الذين لا يعول عليهم كالجاحظ وغيره وعلى اكفار القائل بذلك نص كثير من الفقهاء والجزاء الذي يكون يوم القيامة للحيوانات عندهم ليس جزاء تكليف على أن بعضهم ذهب إلى أن الحيوانات لا تحشر يوم القيامة وأول الظواهر الدالة على ذلك وما نقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا أصل له .
والمثلية في الأية لا تدل على شيء مما ذكر وأغرب الغريب عند أهل الظأهر الصوفية قدس الله تعالى أسرارهم جعلوا كل شيء في الوجود حيا دراكا يفهم الخطاب ويتألم كما يتألم الحيوان وما يزيد الحيوان على الجماد إلا بالشهوة ويستندون في ذلك الى الشهود وربما يستدلون بقوله سبحانه وتعالى : وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم وبنحو ذلك من اةيات وألاخبار .
والذي ذهب اليه الأكثرون من العلماء أن التسبيح حالي لا قالي ونظير ذلك .
شكى إلي جملي طول