سلطنتهم إلى ما شاء الله تعالى من الزمان ولا بدع فهي أم الكتاب وتلد كل أمر عجيب وعلى هدا لا حاجة إلى القول بتخصيص الشيء بما يحتاج اليه من دلائل التوحيد والتكاليف وقال ابو البقاء : إن شيئا هنا واقع موقع المصدر أي تفريطا ولا يجوز أن يكون مفعولا به لأن فرطنا لا تتعدى بنفسها بل بحرف الجر وقد عديت بفي إلى الكتاب فلا تتعدى بحرف آخر وتبعه في ذلك غير واحد وجعلوا ما يفهم من القاموس من تعدي هذا الفعل بنفسه حيث قال : فرط الشيء وفرط فيه تفريطا ضيعه وقدم العجز فيه وقصر مما تفرد به في مقابلة من هو أطول باعا منه مع أنه يحتمل ان تعديته المذكورة فيه ليست وضيعة بل مجازية أو بطريق التضمين الذي أشير اليه سابقا وعلى هذا لايبقى كما قال ابو البقاء في الآية حجة لمن ظن ان الكتاب يحتوي على ذكر كل شيء والكلام حينئذ نظير قوله تعالى : لا يضركم كيدهم شيئا أي ضيرا وأورد عليه أنه ليس كما ذكر لأنه إذا تسلط النفي على المصدر كان منفيا على جهة العموم ويلزمه نفي أنواع المصدر وهو يستلزم نفي جميع أفراده وليس بشيء لأنه يريد أن المعنى حينئذ أن جميع أنواع التفريط منفية عن القرآن وهو مما لا شبهة فيه ولا يلزمه أن يذكر فيه كل شيء كما لزم على الوجه الآخر وأيا ما كان فالجملة اعتراضية مقررة لمضمون ما قبلها فان من جملة الأشياء أنه تعالى مراع لمصالح جميع مخلوقاته على ما ينبغي وعن الحسن وقتادة أن المراد بالكتاب الكتاب الذي عند الله تعالى وهو مشتمل على كل ما كان ويكون وهو اللوح المحفوظ والمراد بالاعتراض حينئذ الاشارة الى أن أحوال الأمم مستقصاة هناك غير مقصورة على هذا القدر المجمل وعن أبي مسلم أن المراد منه الأجل أي ما من شيء إلا وقد جعلنا له أجلا هو بالغه ولا يخفى بعده .
وقرأ علقمة ما فرطنا بالتخفيف وهو والمشدد بمعنى وقال ابو العباس : معنى فرطنا المخفف أخرنا كما قالوا فرط الله تعالى عنك المرض أي أزاله ثم إلى ربهم يحشرون .
83 .
- الضمير للامم مطلقا وتكون صيغة الجمع للتغليب أي إلى مالك أمورهم لا إلى غيره يحشرون يوم القيامة فيجازيهم وينصف بعضهم من بعض حتى أنه سبحانه وتعالى يبلغ من عدله أن يأخذ للجماء من القرناء كما جاء في حديث صحيح رواه الشيخان .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن حشر الحيوانات موتها ومراده رضي الله تعالى عنه على ما قيل إن قوله سبحانه وتعالى إلى ربهم يحشرون محموعه مستعار على سبيل التمثيل للموت كما ورد في الحديث من مات فقد قامت قيامته فلا يرد عليه أن الحشر بعث من مكان آخر وتعديته بالى تنصيص على أنه لم يرد به الموت مع أن في الموت أيضا نقلا من الدنيا إلى الآخرة نعم ما ذكره الجماعة أوفق بمقام تهويل الخطب وتفظيع الحال وهذا في رسالة المعاد لأبي علي قال المعترفون بالشريعة من أهل التناسخ : إن هذه الآية دليل عليه لأنه سبحانه قال وما من دابة الخ وفيه الحكم بأن الحيوانات الغير الناطقة أمثالنا وليسوا أمثالنا بالفعل فيتعين كونهم أمثالنا بالقوة لضرورة صدق هذا الحكم وعدم الواسطة بين الفعل والقوة وحينئذ لابد من القول بحلول النفس الانسانية في شيء من تلك الحيوانات وهو التناسخ المطلوب