الشائع نظيره في كلام العرب مما لا بأس به عندي على أن بعض الآيات مما أجمع على تأويلها السلف والخلف والله تعالى أعلم بمراده وهو الحكيم أي ذو الحكمة البالغة وهي العلم بالأشياء على ماهي عليه والاتيان بالافعال على ما ينبغي أو المبالغ في الاحكام وهو اتقان التدبير واحسان التقدير الخبير .
81 .
- أي العالم بما دق من أحوال العباد وخفي من أمورهم واللام هنا وفيما تقدم للقصر قل أي شيء أكبر شهادة روى الكلبي أن كفار مكة قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : يا محمد أما وجد الله تعالى رسولا غيرك ما نرى أحدا يصدقك فيما تقول ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر فارنا من يشهد أنك رسول الله فنزلت .
وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال جاء النحام بن زيد وقردم بن كعب وبحري بن عمرو فقالوا : يا محمد ما تعلم مع الله إلها غيره فقال رسول الله A : لا إله إلا الله تعالى بذلك بعثت وإلى ذلك أدعوا فأنزل الله تعالى هذه الآية والاول أوفق بأول الآية والثاني بآخرها .
فأي مبتدأ و أكبر خبره و شهادة تمييز والشيء في اللغة ما يصح أن يعلم ويخبر عنه فقد ذكره سيبويه في الباب المترجم بباب مجاري أواخر الكلم وإنما يخرج التأنيث من التذكير ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم أذكر هو أم أنثى والشيء مذكر انتهى وهل يطلق على الله تعالى أم لا فيه خلاف فمذهب الجمهور أنه يطلق عليه سبحانه فقال : شيء لا كالأشياء واستدلوا على ذلك بالسؤال والجواب الواقعين في هذه الآية وبقوله سبحانه : كل شيء هالك إلا وجهه حيث استثنى من كل شيء الوجه وهو بمعنى الذات عندهم وبأنه أعم الألفاظ فيشمل الواجب والممكن .
ونقل الامام أن جهما أنكر صحة الاطلاق محتجا بقوله تعالى : ولله الاسماء الحسنى فقال : لا يطلق عليه سبحانه إلا ما يدل على صفة من صفات الكمال والشيء ليس كذلك وفي المواقف وشرحه الشيء عند الاشاعرة يطلق على الموجود فقط فكل شيء عندهم موجود وكل موجود شيء ثم سيق فيهما مذاهب الناس فيه ثم قيل : والنزاع لفظي متعلق بلفظ الشيء وأنه على ماذا والحق ما ساعد عليه اللغة والنقل إذ لا مجال للعقل في اثبات اللغات والظاهر معنا فأهل اللغة في كل عصر يطلقون لفظ الشيء على الموجود حتى لو قيل عندهم الموجود شيء تلقوه بالقبول ولو قيل : ليس بشيء تلقوه بالانكار ونحو قوله سبحانه : وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ينفي اطلاقه بطريق الحقيقة على المعدوم لأن الحقيقة لا يصح فيها انتهى .
وفي شرح المقاصد أن البحث في أن المعدوم شيء حقيقة أم لا لغوي يرجع فيه إلى النقل والاستعمال وقد وقع فيه اختلافات نظرا إلى الاستعمالات فعندنا هو اسم للموجود لما نجده شائع الاستعمال في هذا المعنى ولا نزاع في استعماله في المعدوم مجازا ثم قال : وما نقل عن ابي العباس أنه اسم للقديم وعن الجهمية أنه اسم للحادث وعن هشام أنه أسم للجسم فبعيد جدا من جهة أنه لا يقبله أهل اللغة انتهى وفي ذلك كله بحث فان دعوى الاشاعرة التساوي بين الشيء والموجود لغة أو الترادف كما يفهم مما تقدم من الكليتين ليس لها دليل يعول عليه وقوله : إن أهل اللغة في كل عصر الخ إنما يدل على أن كل موجود شيء وأما أن كل ما يطلق عليه لفظ الشيء حقيقة لغوية موجود فلا دلالة فيه عليه إذ لا يلزم من أن يطلق على الموجود لفظ شيء دون لا شيء أن يختص الشيء لغة بالموجود لجواز أن يطلق الشيء على المعدوم والموجود حقيقة لغوية