اذااذا قلنا : ان الاحاطة انما تكون للأجسام دون المعاني فلابد من ارتكاب تجوز في الكلام على تقدير اسنادها الى العذاب لكن لا على الوجه الذي ذكره هذا الزعم كما لا يخفى وفي جمع كانوا يستهزؤن ما مر غير مرة في أثاله و به متعلق بما بعده وتقديمه لرعياة الفواصل .
قل سيروا في الأرض ثم أنظروا كيف كان عاقبة المكذبين .
11 .
- خطاب لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلّم وانذار قومه وتذكيرهم بأحوال الأمم الخالية وما حاق بهم لسوء أفعالهم تحذيرا لهم هما هم عليه مما يحاكي تلك الافعال وفي ذلك أيضا تكملة لتسليته E بما في ضمنه من العدة اللطيفة بانه سيحيق بهم مثل ما حاق باضرابهم الأولين وقد أنجز سبحانه وتعالى ذلك إنجازا أظهر من الشمس يوم بدر والمراد من النظر التفكر وقيل : النظر بالابصار وجمع بينهما الطبرسي بناء على القول بجواز مثل ذلك و كيف خبر مقدم لكان أو حال وهي تامة والعاقبة مآل لشيء وهي مصدر كالعافية والتعبير بالمكذبين دون المستهزئين قيل : للاشارة إلى أن مآل من كذب إذا كان كذلك فكيف الحال في مآل من جمع بينه وبين الاستهزاء وأورد عليه أن تعريف المكذبين للعهد وهم الذين سخروا فيكونون جامعين بين الأمرين مع أن الاستهزاء بما جاؤا به يستلزم تكذيبه ولا يخفى أن مقصود القائل إن أولئك وإن جمعوا الأمرين لكن في الاشارة اليهم بهذا العنوان هنا ما لا يخفى من الاشارة إلى فضاعة ما نالهم وقيل : إن وضع المكذبين موضع المستهزئين لتحقيق أنه مدار أصابهم هو التكذيب لينزجر السامعون عنه لا عن الاستهزاء فقط مع بقاء التكذيب بحاله بناء على توهم أنه المدار في ذلك وعطف الأمر بالنظر على الأمر بالسير بثم قيل للايذان بتفاوت ما بينهما وإن كان كل من الأمرين واجبا لأن الأول إنما يطلب الثاني كما في قولك : توضأ ثم صل وقيل : للايذان بالتفاوت لأن الأول لاباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها من المنافع والثاني لايجاب النظر في آثار الهالكين ولا ريب في تباعد مابين الواجب والمباح وأورد عليه كما قال الشهاب أنه يأباه سلامة لذوق لأن فيه اقحام أمر أجنبي وهو بيان إباحة السير للتجارة بين الاخبار عن حال المستهزئين وما يناسبه وما يتصل به من الأمر بالاعتبار بآثارهم وهو مما يخل بالبلاغة اخلالا ظاهرا .
وتعقب بأن هذا وان تراآى في باديء النظر لكنه غير وارد إذ ذاك غير أجنبي لأن المراد خذلانهم وتخليتهم وشأنهم من الاعراض عن الحق بالتشاغل بأمر دنياهم كقوله تعالى : وليتمتعوا وهذا حاصل ما قيل : إن الكلام مجاز عن الخذلان والتخلية وإن ذلك الأمر متسخط إلى الغاية كما تقول لمن عزم على أمر مؤد إلى ضرر عظيم فبالغت في نصحه ولم ينجع فيه أنت وشأنك وافعل ما شئت فانك لا تريد بذلك حقيقة الامر كيف والآمر بالشيء مريد له وأنت شديد الكراهة متحسر ولكنك كأنك قلت له : إذ قد أبيت النصح فانت أهل لأن يقال لك : افعل ما شئت ولا يخفى أن انفهام ذلك من الأية في غابية البعد وفرق الزمخشري بين هذه الآية وقوله في سورة النمل : قل سيروا في الأرض فانظروا بحمل الأمر بالسير هنا على الاباحة المذكورة آنفا وحمل الأمر به هناك على السير لأجل النظر ولهذا كان العطف بالفاء في تلك الآية ونظر بعضهم بغير ما أشرنا اليه أيضا .
وذكر أن التحقيق أنه سبحانه قال هنا : ثم انظروا وفي غير ما موضع فانظروا لان المقام هنا يقتضي