معك فأنزل الله تعالى قوله سبحانه : وقالوا لولا أنزل الخ أي هلا أنزل عليه ملك يكون معه يحدث الناس عنه ويخبرهم أنه رسول من ربه سبحانه اليهم ولعل هذا نظير ما حكى الله تعالى عنهم بقوله جل شأنه : لولا أنزل اليه ملك فيكون معه نذيرا ولما كان مدار هذا الاقتراح على شيئين إنزال الملك على صورته وجعله معه صلى الله عليه وسلّم يحدث الناس عنه وينذرهم أجيب عنه بأن ذلك مما لا يكاد يوجد لاشتماله على المتباينين فان انزال الملك على صورته يقتضي انتفاء جعله محدثا ونذيرا وجعله محدثا ونذيرا يستدعي عدم إنزاله على صورته وقد أشير إلى الأول بقوله تعالى : ولو أنزلنا عليه ملكا على صورته الحقيقية فشاهدوه بأعينهم : لقضي الأمر أي لأتم أمر هلاكهم بسبب مشاهدتهم له لمزيد هول المنظر مع ماهم فيه من ضعف القوى وعدم اللياقة .
وقد قيل : إن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم هم إنما رأوا الملك في صورة البشر ولم يره أحد منهم على صورته غير النبي A رآه كذلك مرتين مرة في الأرض بجياد ومرة في السماء ولا يخفى أن هدا محتاج إلى نقل عن الأحاديث الصحيحة والذي صح من رواية الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها ان النبي A رأى جبريل عليه السلام مرتين كما ذكر على صورته الأصلية لكن ليس فيه أحد أن أحدا من أخوانه الأنبياء غيره E لم يره كذلك ولم يرد هذا كما قال ابن حجر وناهيك به حافظا في شيء من كتب الآثار وأما رؤية النبي A وكذا رؤية غيره من الأنبياء غير جبريل عليه السلام على الصورة الأصلية فهي جائزة بلا ريب وظاهرة الاخبار وقوعها أيضا لنبينا E وأما وقوع رؤية سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلم أقف فيها على شيء لا نفيا ولا إثباتا وعدم وقوع رؤية جبريل عليه السلام لو صح لا يدل على عدم رؤية غيره إذ ليست صور الملائكة كلهم كصورته E في العظم وخبر الخصمين والاضياف لابراهيم ولوط وداود عليهم السلام ليس فيه دلالة على أكثر من رؤية هولأء الأنبياء للملائكة بصورة الآدميين وهي لا تستلزم أنهم لا يرونهم الا كذلك والا لاستلزمت رؤية نبينا A جبريل عليه السلام بصورة دحية بن خليفة الكلبي رضي الله تعالى عنه مثلا عدم رؤيته E إياهم إلا بالصورة الآدمية وهو خلاف ما تفهمه الأخبار وبناء الفعل الأول في الجواب للفاعل مسندا إلى نون العظمة مع كونه في السؤال مبنيا للمفعول لتهويل الأمر وتربية المهابة وبناء الثاني للمفعول للجري على سنن الكبرياء وكلمة ثم 9 في قوله تعالى ثم ينظرون .
8 .
- تي لا يمهلون بعد إنزاله ومشاهدتهم له طرفة عين فضلا عن ان يحظوا منه بكلمة أو يزيلوا به بزعمهم شبهة للتنبيه على بعد ما بين الأمرين قضاء الأمر وعدم الأنظار فان مفاجأة الشدة أشد من نفس الشدة وقيل : إنها للاشارة إلى أن لهم مهلة قدر أن يتأملوا .
واعترض بان قوله سبحانه : ثم لا ينظرون عطف على قوله D : لقضي ولا يمهل للتأمل بعد قضاء الأمر .
وقيل في سبب اهلاكهم على تقدير انزال الملك حسبما اقترحوه : إنهم إذا عاينوه قد نزل على رسول الله A في صورته الأصلية وهي ءاية لا شيء أبين منها ثم لم يؤمنوا لم يكن بد من إهلاكهم فان سنة الله تعالى قد جرت بذلك فيمن قبلهم ممن كفر بعد نزول ما اقترح وروي هذا عن قتادة وقيل : إنه يزول