والمطابقة لما يقتضيه السوق باعتبار تقرره ووقوع بعض جزيئاته في الآخرة والمستمر هو الامر الكلي الذي هو الاتصاف بالصدق ولا يلزم من هذا محذور مدخلية الصدق الاخروي في الجزاء ولا يحتاج إلى جعل الصدق الاخروي شرطا في نفع الصدق الدنيوي والمجازاة عليه ولعل فيما تقدم غنى عن هذا كما لا يخفى على الناظر وقيل : المراد من الصادقين النبيون ومن صدقهم صدقهم في الدنيا بالتبليغ ويكون مساق الآية للشهادة بصدقه عليه السلام في قوله : ما قلت لهم إلا ما أمرتني به وأنت تعلم أن هذا الغرض حاصل على تقدير التعميم وزيادة .
وقيل المراد من الصدق الصدق في الدنيا إلا أن المراد من الصادقين الامم والكلام مسوق لرد عرض عيسى عليه السلام المغفرة عليه سبحانه وتعالى كأنه قيل : هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لا غير فلا مغفرة لهؤلاء و لا يخفى أن التعميم لا ينافي كون الكلام مسوقا لما ذكر على تقدير تسليم ذلك واسم الاشارة مبتدأ و يوم بالرفع وهي قراءة الجمهور خبره وقرأ نافع وحده يوم بالنصب على أنه ظرف لقال و هذا مبتدأ خبره محذوف أي كلام عيسى عليه السلام أو حق أو نحو ذلك أو ظرف مستقر وقع خبرا والمعنى هذا الذي مر من جواب عيسى عليه السلام أو السؤال والجواب واقع يوم ينفع وجوز أن يكون هذا مبتدأ و يوم خبره وهو مبني على الفتح بناء على أن الظرف يبنى عليه إذا أضيف إلى جملة فعلية وإن كانت معربة وهو مذهب الكوفيين واحتاره ابن مالك وغيره والبصريون لا يجيزون البناء إلا إذا صدرت الجملة المضاف إليها بفعل ماض كقوله :