سبحانه لأمتي قال : فماذا أجبت قال : أجبت بالذي لو اطلع كثير منهم عليه تركوا الصلاة قلت : أفلا أبشر الناس قال : بلى فقال عمر : يا رسول الله إنك إن تبعث إلى الناس بهذا يتكلوا ويدعوا العبادة فناداه أن ارجع فرجع لايقوم دليلا على أن في الآية تعريضا بطلب المغفرة للكافر إذ لا يبعد منه صلى الله عليه وسلّم الدعاء لأمته وطلب الشفاعة لهم بهذا النظم لكن على الوجه الذي قصده عيسى عليه السلام منه ويحتمل أنه A اقتبس ذلك من القرآن مؤديا به مقصوده الذي أراد وليس ذلك أول اقتباس له E فقد صرح بعض العلماء أن دعاء التوجه عند الشافعية من ذلك القبيل والصلاة لا تنافي الدعاء وما أخرجه مسلم ومن معه ليس فيه أكثر من أن ما ذكر آثار كأمن شفقته A على أمته فدعا لهم بما دعا وذلك لا يتوقف على أن في الآية تعريضا لسؤال المغفرة للكافر ثم ان العلماء في بيان سر ذكر ذينك الاسمين الجليلين في الآية كلاما طويلا حيث أشكل وجه مناسبتهما لسياق ما قرنا به حتى حكي عن بعض القراء أنه غيرهما لسخافة عقله فكان يقرأ فانك أنت الغفور الرحيم إلى أن حبس وضرب سبع درر ووقع لبعض الطاعنين في القرآن من الملاحدة أن المناسب ما وقع في مصحف ابن مسعود فانك أنت العزيز الغفور كما نقل ذلك ابن الانباري وقد علمت أحد توجيهاتهم لذلك .
وقيل : إن ذكرهما من باب الاحتراس لأن ترك عقاب الجاني قد يكون لعجز في القدرة أو لأهمال ينافي الحكمة فدفع توهم ذلك بذكرهما وفي امالي العز بن عبد السلام أن العزيز معناه هنا الذي لا نظير له والمعنى وإن تغفر لهم فانك أنت الذي لا نظير لك في غفرانك وسعة رحمتك وأنت أولى من رحم وأجدر من غفر وستر الحكيم الذي لا يفعل شيئا في مستحقه وهم مستحقون ذلك لفضلك وضعفهم وهذا ظاهر في أن في اةية تعريضا بطلب المغفرة ولا أظنك تقول به وادعى بعضهم انهما متعلقان بالشرطين لا بالثاني فقط وحينئذ وجه مناسبتهما لا سترة عليه فان من له الفعل والترك عزيز حكيم وذكر أن هذا أنسب وأدق وأليق بالمقام .
قال الله كلام مستأنف ختم به حكاية ما حكى مما يقع يوم يجمع الله الرسل عليهم الصلاة والسلام وأشير إلى نتيجته ومآله وصيغة الماضي لما تحقق والمراد بقول الله تعالى عقيب جواب عيسى عليه السلام مشيرا إلى صدقه ضمن بيان حال الصادقين الذين هو في زمرتهم وبذلك يزول أيضا عنه عليه السلام خوفه من صورة ذلك السؤال لا أن ازالته هي المقصودة من القول على ما قيل .
هذا أي اليوم الحاضر يوم ينفع الصادقين أي المستمرين على الصدق في الأمور المطلوبة منهم التي معظها التوحيد الذي نحن بصدده والشرائع والاحكام المتعلقة به من الرسل الناطقين بالحق والصدق الداعين إلى ذلك وبه تحصل الشهادة بصدق عيسى عليه السلام ومن الامم المصدقين لأولئك الكرام عليهم الصلاة والسلام المقتدين بهم عقدا وعملا وبه يتحقق ترغئب السامعين المقصود بالحكاية في الايمان برسول الله A صدقهم أي فيما ذكر في الدنيا إذ هو المستتبع للنفع والمجازاة يومئذ وقيل : في الآخرة .
والمراد من الصادقين الأمم ومن صدقهم صدقهم في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ وهو ينفعهم لقيامهم فيه بحق الله تعالى وهو كما ترى وقيل : المراد صدقهم المستمر في دنياهم إلى آخرتهم ليتسنى كون ماذكر شهادة بصدق عيسى عليه السلام فيما قاله جوابا عن السؤال على ما يقتضيه السوق ويكون النفع باعتبار تحققه في الدنيا