وصيغة التفضيل إنما هي لامكان قبول يمينهما في الجملة باعتبار صدقهما في ادعاء تملكهما لما ظهر في أيديهما وقيل : إن الشهادة على معناها المتبادر عند الاطلاق وسيأتي إنشاء الله تعالى عن بعض المحققين غير ذلك .
وقوله عز شأنه وما اعتدينا عطف على الجواب أي ما تجاوزنا في شهادتنا الحق وما اعتدينا عليهما بابطال حقهما وقوله تعالى إنا إدا لمن الظألمين .
701 .
- استئناف مقرر لما قبله أي انا إذا اعتدينا فيما ذكر لمن الظالمين أنفسهم بتعريضها لسخط الله تعالى وعذابه أو لمن الواضعين الحق في غير موضعه ومعنى الآيتين عند غير واحد من المفسرين أن المحتضر إذا أراد الوصية ينبغي أن يشهد عدلين من ذوي دينه أو نسبه فان لم يجدهما بأن كان في سفر فآخران من غيرهم ثم أن وقع ارتياب في صدقهما أقسما على صدقهما أقسما على صدق ما يقولان بالتغليظ في الوقت فان اطلع على كذبهما بامارة حلف آخران من أهل الميت وادعى أن الحكم منسوخ إذا كان الاثنان شاهدين فانه لايحلف الشاهد ولا يعارض يمينه بيمين الوارث وقيل : إن التحليف لم ينسخ لكنه مشروط بالريبة .
وقد روي عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه كان يحلف الشاهد والراوي إذا اتهمهما وفي بعض كتب الحنفية أن الشاهد إن لم يجد من يزكيه يجوز تحليفه احتياطا وهذا خلاف المفتى به كما بسط في محله وكذا ادعى البعض النسخ أيضا على تقدير أن يكون المراد بالشاهدين في السفر غير مسلمين لأن شهادة الكافر على المسلم لا تقبل مطلقا وروى حديث النسخ ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال بعضهم : لا نسخ وأجاز شهادة الذمي على المسلم في هذه الصورة .
وروي ن ابي موسى الأشعري أنه حكم لما كان واليا على الكوفة بمحضر من الصحابة بشهادة ذميين بعد تحليفهما في وصية مسلم في السفر وإلى ذلك ذهب الامام أحمد بن حنبل وقال آخرون : الاثنان وصيان وحكم تحليفهما إذا ارتاب الورثة غير منسوخ وما أفادته الآية من رد اليمين على الورثة ليس من حيث أنهم مدعون وقد ظهرت خيانة الوصيين فردت اليمين عليهما خلافا للشافعي بل من حيث أنهم صاروا مدعى عليهم لانقلاب الدعوى فان الوصي المدعى عليه أولا صار مدعيا للملك والورثة ينكرون ذلك ويدل عليه ما أخرجه البخاري في التأريخ والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وخلق آخرون عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء وقيل نداء بالنون فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالله تعالى ما كتمتما ولا اطلعتما ثم وجد الجام بمكة فقيل اشتريناه من تميم وعدي فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله سبحانه لشهادتهما أحق من شهادتهما وان الجام لصاحبهم وأخذ الجام وفيهم نزلت يا أيها الذين آمنوا الخ هذا وادعى بعض المحققين أن الشهادة ههنا لا يمكن أن تكون بمعناها المتبادر بوجه ولا تتصور لأن شهادتهما إما على الميت ولا وجه لها بعد موته وانتقال الحق إلى الورثة وحضورهم أو على الوارث المخاصم وكيف يشهد الخصم على خصمه فلابد من التأويل وذكر أن الظاهر أن تحمل في قوله سبحانه شهادة بينكم على الحضور أو الاحضار أي إذا حضر الموت المسافر فليحضر من يوصي إليه بايصال ماله لوارثه مسلما فان لم يجد فكافرا والاحتياط ان يكونا إثنين فاذا جاءا بما عندهما وحصل ريبة في كتم بعضه فليحلفا لأنهما مودعان مصدقان بيمينهما فان وجد ما خانا فيه وادعيا أنهما تملكاه منه