E لم يجب بحله لهم حتى سألهم عن موانع الحل أكانت موجودة أم لا فلو كان من الموانع أن يصاد لهم لنظمه صلى الله عليه وسلّم في سلك ما يسأل عنه منها في التفحص عن الموانع ليجيب بالحل عند خلوه عنها .
وهذا المعنى كالصريح في نفي كون الاصطياد مانعا فيعارض حديث جابر و يقدم عليه لقوة ثبوته إذ هو في الصحيحين وغيرهما من الكتب الستة بخلاف ذلك بل قيل في حديث جابر انقطاع لأن المطلب في سنده لم يسمع من جابر عند غير واحد وكذا في رجاله من فيه لين وبعد ثبوت ما دهبنا اليه بما ذكرنا يقوم دليل على ما ذكر من التأويل أنتهى وانت تعلم أن في حديث جابر أيضا شيئا من جهة العربية ولعل الأمر فيه سهل .
بقي أن حديث الصعب بظاهره يعارض ما استدل به أهل المذهبين الأخيرين واختار بعض الحنفية في الجواب بأن فيه اضطرابا ليس مثله في حديث قتادة حتى روى عمرو بن أمية الضمري عن أبيه أن الصعب اهدى لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عجز حمار وحش بالجحفة فأكل منه E وأكل القوم فكان حديث قتادة أولى وقد وقع ما وقع فيه في الحج كما تحكيه الرواية التي ذكرناها ومعلوم أن رسول الله A لم يحج بعد الهجرة إلا حجة الوداع وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه في الجواب : يحتمل أن يكون A علم أنه صيد له فرده عليه فلا يعارض حديث جابر وتعليله E الرد بأنه محرم لا يمنع من كونه صيد له لأنه إنما يحرم الصيد على الانسان إذا صيد له بشرط أن يكون محرما فبين A الشرط الذي يحرم به وقيل : إن جابرا إنما أهدى حمارا فرده A لامتناع تملك المحرم الصيد ولا يخفى أن الروايات الدالة على البعضية أكثر ولا تعارض بينها فتحمل رواية أنه أهدى حمارا على أنه من اطلاق اسم الكل على البعض ويمتنع هنا العكس إذ إطلاق الرجل مثلا على كل الحيوان غير معهود وقد صرحوا أنه لايجوز أن يطلق على زيد اصبع ونحوه لأن شرط اطلاق اسم البعض على الكل التلازم كالرقبة والرأس على الانسان فان لا إنسان دونهما بخلاف نحو الرجل والظفر وأما إطلاق العين على الرؤية فليس من حيث هو إنسان بل من حيث هو رقيب وهو من هذه الحيثية لايتحقق بلا عين أو هو أحد معاني المشترك اللفظي كما عده كثير منها فليتيقظ .
واتقوا الله فيما نهاكم عنه من الصيد أو في جميع المعاصي التي من جملتها ذلك الذي إليه تحشرون .
69 .
- لا إلى غيره حتى يتوهم الخلاص من أخذه تعالى بالالتجاء إلى ذلك الغير .
هذا ومن باب الاشارة في الآيات يا أيها الذين آمنوا إيمانا علميا لاتحرموا بتقصيركم في السلوك طيبات ما احل الله لكم من مكاشفات الأحوال وتجليات الصفات ولا تعتدوا بظهور النفس بصفاتها وكلوا مما رزقكم الله أي اجعلوا ما من الله تعالى به عليكم من علوم التجليات ومواهب الأحوال والمقامات غذاء قلوبكم حلالا طيبا واتقوا الله في حصول ذلك لكم بأن تردوها منه وله وجعل غير واحد هذا خطابا للواصلين من أرباب السلوك حيث أرادوا الرجوع إلى أهل البدايات من المجاهدات فنهوا عن ذلك وأمروا باكل الحلال الطيب وفسروا الحلال بما وصل الى المعارف من خزائن الغيب بلا كلفة والطيب ما يقوي القلب في شوق الله تعالى وذكر جلاله وقيل : الحلال الطيب ما يأكل على شهود وإلا فعلى ذكر فإن الأكل على الغفلة حرام في شرع السلوك وقال آخرون : الحلال الطيب هو الذي يراه العارف في خزانة القدر فيأخذه