تعالى عنهم أنه يحل له أكل ماصاده الحلال وان صاده لأجله إذا لم يدل عليه ولم يشر اليه ولا أمره بصيده وكذا ما ذبحه قبل إحرامه وهو مذهب ابي حنيفة رضي الله تعالى عنه على ما اختاره الطحاوي لأن الخطاب للمحرمين فكأنه قيل : وحرم عليكم ما صدتم في البر فيخرج منه مصيد غيرهم أو يقال : أن المراد صيدهم حقيقة أو حكما وصورة الدلالة أو الأمر من الشق الثاني وعن مالك والشافعي وأحمد وداود رحمهم الله تعالى لايباح ما صيد له لما رواه ابو داود والترمذي والنسائي عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لحم الصيد حلال لكم وأنتم محرمون ما لم تصيدوه أو يصاد لكم وأجيب : بأنه قد روى محمد عن أبي حنيفة عن ابن المنكدر عن طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم فامرنا باكله وروى الحافظ ابو عبد الله الحسين عن ابي حنيفة عن هشام بن عروة عن ابيه عن جده الزبير ابن العوام قال : كنا نحمل لحم الصيد صفيفا وكنا نتزوده وكنا نأكله ونحن محرمون مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم .
وأخرج مسلم عن عبد الله بن ابي قتادة عن أبيه قال : خرج رسول الله A حاجا وخرجنا معه فصرف نفرا من أصحابه فيهم ابو قتادة فقال : خذوا ساحل البحر حتى تلقوني قال : فأخذؤا ساحل البحر فلما انصرفوا قبل رسول الله A أحرموا كلهم إلا ابو قتادة فانه لم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا فنزلوا فأكلوا من لحمها قال فقالوا : أكلنا لحما ونحن محرمون قال فحملوا ما بقي من لحم الأتان فلما أتوا رسول الله A قالوا : يا رسول الله إنا كنا أحرمنا وكان ابو قتادة لم يحرم فرأينا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا فنزلنا فاكلنا من لحمها فقلنا : نأكل لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحمها فقال E : هل معكم أحد أمره أو اشار اليه بشيء قالوا : لا قال فكلوا ما بقي من لحمها .
وفي رواية لمسلم أنه A قال : هل عندكم منه شيء قالوا : معنا رجله فأخذها E فأكلها وحديث جابر مؤول بوجهين الأول كون اللام للملك والمعنى أن يصاد ويجعل له فيكون مفاده تمليك عين الصيد من المحرم وهو ممتنع أن يتملكه فيأكل من لحمه والثاني الحمل على أن المراد أن يصاد بأمره وهذا لأن الغالب في عمل الانسان لغيره أن يكون بطلب منه والتزام التأويل دفعا للتعارض كما قال غير واحد وقال ابن الهمام وقد يقال : القواعد تقتضي أن لايحكم بالتعارض بين حديث جابر وبين الخبرين الأولين من هذه الأخبار الثلاثة لأن قول طلحة : فأمرنا بأكله مقيد عندنا بما إذا لم يدله المحرم على الصحيح خلافا لأبي عبد الله الجرجاني ولا أمره بقتله على ما يدل عليه حديث أبي قتادة فيجب تخصيصه بما إذا لم يصد للمحرم بالحديث الآخر .
وحديث الزبير حاصله نقل وقائع أخبار وهي لا عموم لها فيجوز كون ما كانوا يحملونه من لحوم الصيد للتزود ما لم يصد لأجل المحرمين بل هو الظأهر لأنهم يتزودونه من الحضر ظاهرا والاحرام بعد الخروج إلى الميقات فالأولى الاستدلال على أصل المطلوب بحديث أبي قتادة المذكور على وجه المعارضة فانه أفاد أنه