منها بوصف الرضا والتسليم والحرام ما قدر لغيره وهو يجتهد في صلبه لنفسه لايؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم وهو الحلف لملالة النفس وكلالة القوى وغلبة سلطان الهوى وعدوا من اللغو في اليمين الاقسام على الله تعالى بحماله وجلاله سبحانه عند غلبة الشوق ووجدان الذوق أن يرزقه شيئا من اقباله D ووصاله فان ذلك لغو في شريعة الرضا ومذهب التسليم والذي يقتضيه ذلك ما أشير اليه بقوله : أريد وصاله ويريد هجري فأترك ما أريد لما يريد لكن لا يؤاخذ الله تعالى عليه الحالف لعلمه بضعف حاله وعدوا من ذلك أيضا ما يجري على لسان السالكين في غلبة الوجد من تجديد العهد وتأكيد العقد كقول بعضهم : وحقك لا نظرك إلى سواكا بعين مودة حتى أراكا فان ذلك ينافي التوحيد وهل في الدار ديار كلا بل هو الله الواحد القهار ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان وذلك إذا عزمتم على الهجران وتعرضتم للخذلان عن صميم الفؤاد فكفارته إطعام عشرة مساكين وهي على ما قاله بعض الحواس الخمس الظاهرة والحواس الخمس الباطنة من أوسط ما تطعمون أهليكم وهم القلب والسر والروح الخفي وطعامهم الشوق والمحبة والصدق والاخلاص والتفويض والتسليم والرضا والانس والهيبة والشهود والكشوف والأوسط الذكر والفكر والشوق والتوكل والتعبد والخوف والرجاء وإطعام الحواس ذلك أن يشغلها به أو كسوتهم لباس التقوى أو تحرير رقبة وهي رقبة النفس فيحررها من عبودية الحرص والهوى فمن لم يجد ولم يستطع فصيام ثلاثة أيام فيمسك في اليوم الأول عما عزم عليه وفي اليوم الثاني عما لا يعنيه وفي اليوم الثالث عن العودة إليه وقيل كنى سبحانه بصيام ثلاثة أيام عن التوبة والاستقامة عليها ما دامت الدنيا فقد قيل : الدنيا ثلاثة أيام يوم مضى ويوم أنت فيه ويوم لا تدري ما الله سبحانه قاض فيه وأطيعوا الله بافناء فيه وأطيعوا الرسول بالبقاء بعد الفناء وأحذروا ظهور ذلك بالنظر إلى نفوسكم فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ ولم يقصر فالقصور منكم ليس على الذين آمنوا بالتقليد وعملوا الصالحات الأعمال البدنية الشرعية جناح فيما طعموا من المباحات إذا ما اتقوا شرك الأنانية وآمنوا بالهوية ثم اتقوا هذا الشرك وهو الفناء وأحسنوا بالبقاء به جل شأنه قاله النيسابوري .
وقال غيره : ليس على الذين آمنوا الايمان العيني بتوحيد الأفعال وعملوا بمقتضى إيمانهم أعمالا تخرجهم عن حجب الافعال وتصلحهم لرؤية أفعال الحق جناح وضيق فيما تمتعوا به من انواع الحظوظ إذا ما اجتنبوا بقايا أفعالهم واتخذوا الله تعالى وقاية في صدور الافعال منهم وآنوا بتوحيد الصفات وعملوا ما يخرجهم عن حجبها ويصلحهم لمشاهدة الصفات الالهية بالمحو فيها ثم اتقوا بقايا صفاتهم واتخذوا الله تعالى وقاية في ظهور صفاته عليهم وآنوا بتوحيد الذات ثم اتقوا بقية ذواتهم وأتخذوا الله تعالى وقاية في وجودهم بالفناء المحض والاستهلاك في عين الذات وأحسنوا بشهود التفصيل في عين الجمع والاستقامة في البقاء بعد الفناء والله يحب المحسنين الباقين في فنائهم أو المشاهدين للوحدة في عين الكثرة المراعين لحقوق التفاصيل في عين الجمع بالوجود الحقاني يا أيها الذين آنوا بالغيب ليبلونكم في أثناء السير والاحرام