الله صلى الله عليه وسلّم خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح العقرب والفأرة والكلب العقور والغراب والحدأة وقد تقدم ما في رواية لمسلم وجاء تسميتهن فواسق وفي فتح القدير ويستثنى من صيد البر بعضه كالذئب والغراب والحدأة وأما باقي الفواسق فليست بصيود وأما باقي السباع فالمنصوص عليه في ظاهر الرواية عدم الاستثناء وأن يجب قتلها الجزاء ولا يجاوز شاة إن ابتدأها المحرم وإن ابتدأته فلا شيء عليه وذلك كالاسد والفهد والنمر والصقر والبازي وأما صاحب البدائع فيقسم البري إلى مأكول وغيره والثاني إلى ما يبتديء بالاذى غالبا كالاسد والذئب والنمر إلى ما ليس كذلك كالضبع والفهد والثعلب فلا يحل قتل الأول والاخير إلا أن يصول ويحل قتل الثاني ولا شيء فيه وإن لم يصل وجعل ورود النص في الفواسق ورودا فيه دلالة ولم يحك خلافا لكن في الخانية وعن ابي يوسف الأسد بمنزلة الذئب وفي ظاهر الرواية السباع كلها صيد إلا الكلب والذئب ولعل استثناء الذئب لذكره في المستثنيات على ما أخرجه ابو شيبة والدارقطني والطحاوي .
وقيل : لأنه المراد بالكلب العقور في الخبر السابق وقيل : لأنه بمعناه فيلحق بمعناه فيلحق به دلالة وأما الكلب فقد جاء استثناؤه في الحديث إلا أنه وصف فيه بالعقورية ولعل الامام إنما يعتبر الجنس .
ونظر فيه بأنه يفضي إلى إبطال الوصف المنصوص عليه وأجيب بأنه ليس للقيد بل لأظهار نوع إذائه فان ذلك طبع فيه وقال سعدي جلبي : لو صح هذا النظر يلزم اعتبار مفهوم الصفة بل سائر المفاهيم وهو خلاف أصولنا وأما كون السباع كلها صيدا إلا ما استثني ففيه خلاف الشافعي رضي الله تعالى عنه أيضا فعنده هي داخلة في الفواسق المستثنيات قياسا أو ملحقة بها دلالة أو لأن الكلب العقور يتناولها لغة .
وأجاب بعض الأصحاب بأن القياس على الفواسق مما تعدو علينا للقرب منا والسبع ليس كذلك لبعده عنا فلا يكون في معنى الفواسق ليلحق بها واسم الكلب وإن تناوله لغة لم يتناوله عرفا والعرف أقوى وأرجح في هذا الموضع كما في الايمان لبنائه على الاحتياط وفيه بحث طويل الذيل فتأمل .
وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما حرم عليكم صيد ببناء حرم للفاعل ونصب صيد أي وحرم الله عليكم صيد البر ما دمتم حرما أي محرمين .
وقريء دمتم بكسر الدال كخفتم من دام يدام وذلك لغة فيها وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما حرما بفتحتين أي ذوي حرم بمعنى إحرام أو على المبالغة وظاهر الآية يوجب حرمة ما صاده الحلال على المحرم وإن لم يكن له مدخل فيه وهو قول ابن عباس وابن عمر ونقل عن علي كرم الله وجهه وجماعة من السلف واحتج له أيضا بما أخرجه مسلم عن الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله A حمارا وحشيا وفي رواية حمار وحش وفي رواية من لحم حمار وحش وفي رواية من رجل حمار وحش وفي رواية عجز حمار وحش يقطر دما وفي رواية شق حمار وحش وفي أخرى عضوا من لحم صيد وهو E بالابواء أو بودان فرده عليه صلى الله تعالى عليه وسلم قال : فما رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما في وجهي قال : إنا لم نرده عليك الا أنا حرم .
وعن ابي هريرة وعطاء ومجاهد وابن جبير ورواه الطحاوي عن عمر وطلحة وعائشة رضي الله