من الآية الاخرى فشاهد له لا عليه لآن المقصود فيه ايضا التحقير بالنسبة إلى ما دفعه الله تعالى عنهم كما صرح به المعترض نفسه مع انه لايتم الاعتراض به إلا إذا كان ونقص معطوفا على مجرور من ولو عطف على شيء لكان مثل هذه الآية بلا فرق انتهى .
وقال عصام الملة : يمكن أن يقال : التعبير بالشيء للابهام المكنى به عن العظة والتنوين للتعظيم أي بشيء عظيم في مقام المؤاخذة بهتكه إذا آخذ الله تعالى المبتلى به في الأمم السابقة بالمسخ والجعل قردة وخنازير ثم استظهر أن التعبير بذلك لافادة البعضية ومما قدمنا يعلم ما فيه وقرأ إبراهيم يناله أيديكم بالياء ليعلم الله من يخافه بالغيب أي ليتعلق علمه سبحانه بمن يخافه بالفعل فلا يتعرض للصيد فان علمه تعالى بأنه سيخافه وان كان متعلقا به لكن تعلقه بانه خائف بالفعل وهو الذي يدور عليه أمر الجزاء إنما يكون عند تحقق الخوف بالفعل وإلى هذا يشير كلام البلخي والغيب مصدر في موضع اسم الفاعل أي يخافه فو الموضع الغائب عن الخلق فالجار متعلق بما قبله .
وجوز ابو البقاء أن يكون في موضع الحال من من او من ضمير الفاعل في يخافه أي يخافه غائبا عن الخلق .
وقال غير واحد : العلم مجاز عن وقوع المعلوم وظهوره ومحصل المعنى ليتميز الخائف من عقابه الأخروي وهو غائب مترقب لقوة إيمانه فلا يتعرض للصيد من لايخافه كذلك لضعف إيمانه فيقدم عليه وقيل : إن هناك مضافا محذوفا والتقدير ليعلم أولياء الله تعالى ومن على كل تقدير موصولة واحتمال كونها استفهامية أي ليعلم جواب من يخافه أي هذا الاستفهام بعيد وقريء ليعلم من الاعلام على حذف المفعول الأول أي ليعلم الله عباده الخ واظهار الاسم الجليل في موقع الاضمار لتربية المهابة وادخال الروعة فمن اعتدى أي تجاوز حد الله تعالى وتعرض للصيد بعد ذلك الاعلام وبيان أن ما وقع ابتلاء من جهته سبحانه لما ذكر من الحكمة وقيل : بعد التحريم والنهي ورد بأن النهي والتحريم ليس أمرا حادثا ترتب عليه الشرطية بالفاء وقيل : بعد الابتلاء ورد بأن الابتلاء نفسه لايصلح مدار التشديد والعذاب بل ربما يتوهم كونه عذرا مسوغا لتحقيقه .
وفسر بعضهم الابتلاء بقدرة المحرم على المصيد فيما يستقبل وقال : ليس المراد به غشيان الصيود إياهم فانه قد مضى وانت تعلم أن إرادة ذلك المعنى ليست في حيز القبول والمعول عليه ما أشرنا اليه أي فمن تعرض للصيد بعد ما بينا أن ما وقع من كثرة الصيد وعدم توحشه منهم ابتلاء مؤد إلى تعلق العلم بالخائف بالفعل أو تميز المطيع من العاصي فله عذأب أليم .
49 .
- لأن التعرض والاعتداء حينئذ مكابرة محضة وعدم مبالاة بتدبير الله تعالى وخروج عن طاعته وانخلاع عن خوفه وخشيته بالكلية ومن لا يملك زمام نفسه ولا يراعي حكم الله تعالى في أمثال هذ البلايا الهينة لايكاد يراعيه في عظائم المداحض والمتبادر على ماقيل : أن هذا العذاب الأليم في الآخرة وقيل : هو في الدنيا .
فقد أخرج ابن ابي حاتم من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : هو ان يوسع ظهره وبطنه جلدا ويسلب ثيابه وكان الأمر كذلك في الجاهلية أيضا وقيل : المراد بذلك عذاب الدارين وإليه ذهب شيخ الاسلام ومناسبة الآية لما قبلها على ما ذكره الأجهوري أنه سبحانه لما أمرهم أن لايحرموا الطيبات وأخرج من ذلك الخمر والميسر وجعلهما حرامين وإنما أخرج بعد من الطيبات ما يحرم في حال