دون حال وهو الصيد ثم انه عز اسمه شرع في بيان ما يتدارك به الاعتداء من الاحكام إثر بيان ما يلحقه من العذاب فقال عز من قائل : يا أيها الذين ءامنوا لاتقتلوا الصيد وانتم حرم والتصريح بالنهي مع كونه معلوما لاسيما من قوله تعالى : غير محلي الصيد وأنتم حرم لتأكيد الحرمة وترتيب ما يعقبه عليه واللام في الصيد للعهد حسبما سلف وإطلاقه على غير المأكول شائع وإلى التعميم ذهبت الامامية وأنشدوا لعلي كرم الله تعالى وجهه : صيد الملوك ثعالب وأرانب وإذا ركبت فصيدي الأبطال وخصه الشافعية بالمأكول قالوا : لأنه الغالب فيه عرفا وأيد ذلك بما رواه الشيخان خمس يقتلن في الحل والحرم الحداة والغراب والعقرب والفأرة والكلب العقور وفي رواية لمسلم والحية بدل العقرب وسيأتي إنشاء الله تعالى تتمة البحث والحرم جمع حرام كردح جمع رداح والحرام والمحرم بمعنى والمراد به من أحرم بحج أو عمرة وإن كان في الحل وفي حكمه من كان في الحرم وإن كان حلالا وقيل : المراد به من كان في الحرم وإن لم يكن محرما بنسك وفي حكمه المحرم وإن كان في الحل وقال اب علي الجبائي : الآية تدل على تحريم قتل الصيد على المحرم بنسك أينما كان وعلى من في الحرم كيفما كان معا وقال علي بن عيسى : لا تدل الآية على تحريم ذلك على الأول خاصة ولعل الحق مع علي لا مع ابيه وذكر القتل دون الذبح ونحوه للايذان بأن الصيد وإن ذبح في حكم الميتة وإلى ذلك ذهب الامام الأعظم وأحمد ومالك رضي الله تعالى عنهم وهو القول الجديد للشافعي رضي الله تعالى عنه وفي القديم لايكون في حكم الميتة ويح أكله للغير ويحرم على المحرم ومن قتله كائنا منكم حال كونه متعمدا أي ذاكرا لا حرامه عالما بحرمة قتل ما يقتله ومثله من قتله خطأ للسنة .
فقد أخرج ابن جرير عن الزهري قال : نزل القرآن بالعمد وجرت السنة في الخطأ وأخرج الشافعي وابن المنذر عن عمرو بن دينار قال : رأيت الناس أجمعين يغرمون في الخطأ وقال بعضهم : التقييد به بالعمد لأنه الأصل والخطأ ملحق به قياسا واعترض بأن القياس في الكفارات مختلف فيه والحنفية لا تراه وقيل : التقييد به لأنه المورد فقد روي أنه عن لهم حمار وحشي فحمل عليه أبو اليسر فطعنه برمحه فقتله فقيل له : قتلته وأنت محرم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسأله عن ذلك فأنزل الله تعالى الآية واعترض بأن الخبر على تقدير ثبوته إنما يدل على أن القتل من أبي اليسر كان عن قصد وهو غير العمد بالمعنى السابق إذ قد أخذ فيه العلم بالتحريم وفعل أبي اليسر خال عن ذلك بشهادة الخبر إذ يدل أيضا على أن حرمة قتل المحرم الصيد علمت بعد نزول الآية وأجيب بأنا لا نسلم أن أبا اليسر لم يكن عالما بالحرمة إذ ذاك .
فقد روي عن جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أن الصيد كان حراما في الجاهلية حيث كانوا يضربون من قتل صيدا ضربا شديدا والمعلوم من الآية كون ذلك من شرعنا وقيل : إن العلم بالحرمة جاء في قوله تعالى : غير محلي الصيد ولعله أولى .
وعن داود أنه لاشيء في الخطأ أخذا بظاهر الآية وروى ابن المنذر ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه وابن جرير وطاوس واخرج ابو الشيخ عن ابن سيرين قال : من قتله ناسيا لاحرامه فعليه الجزاء ومن قتله متعمدا لقتله غير ناس لاحرامه فذاك إلى الله تعالى إن شاء