ليشاهدوا الايمان ويشهدوا به ففي الكلام اشارة الى أن مراد اللعين ومنتهى آماله من تزيين تعاطي شرب الخمر واللعب بالميسر الايقاع في الكفر الموجب للخلود معه في النار وبئس القرار ثم أنه سبحانه أعاد الحث على الانتهاء بصيغة الاستفهام الانكاري مع الجملة الاسمية مرتبا على ماتقدم من اصناف الصوارف فقال جل شأنه : فهل أنتم منتهون .
19 .
- ايذانا بأن الأمر في الردع والمنع قد بلغ الغاية وأن الاعذار قد انقطعت بالكلية حتى أن العاقل اذا خلى ونفسه بعد ذلك لاينبغي أن يتوقف في الانتهاء ووجه تلك التأكيدات أن القوم رضي الله تعالى عنهم كما قيل كانوا مترددين في التحريم بعد نزول آية البقرة ولذا قال عمر رضي الله تعالى عنه : اللهم بين لنا ذلك بيانا شافيا فنزلت هذه الآية ولما سمع عمر رضي الله تعالى عنه فهل أنتم منتهون قال : انتهينا يارب واخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : أول ما نزل في تحريم الخمر يسألونك عن الخمر والميسر الآية فقال بعض الناس : نشربها لمنافعها التي فيها وقال ءاخرون : لاخير في شيء فيه اثم ثم نزل يا أيها الذين ءامنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية فقال بعض الناس : نشربها ونجلس في بيوتنا وقال ءاخرون لاخير في شيء يحول بيننا وبين والصلاة مع المسلمين فنزلت يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر الآية فانتهوا .
وأخرج عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية لما نزلت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ان الله سبحانه قد حرم الخمر فمن كان عنده شيء فلا يطعمه ولا تبيعوها فلبث المسلمون زمانا يجدون ريحها من طرق المدينة مما أهراقوا منها وأخرج عن الربيع أنه قال لما نزلت آية البقرة قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن ربكم يقدم في تحريم الخمر ثم نزلت آية النساء فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : إن ربكم يقدم في تحريم الخمر ثم نزلت آية بالمائدة فحرمت الخمر عند ذلك وقد تقدم في آية البقرة شيء من الكلام في هذا المقام فتذكر .
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول عطف على اجتنبوه أي أطيعوهما في جميع ما أمرا به ونهيا عنه ويدخل فيه أمرهما ونهيهما في الخمر والميسر دخولا أوليا واحذروا أي مخالفتهما في ذلك وهذا مؤكد للأمر الأول وجوز أن يكون المراد أطيعوا فيما أمرا واحذروا عما نهيا فلا تأكيد وجوز أيضا أن لا يقدر متعلق للحذر أي وكونوا حاذرين خاشين وأمروا بذلك لأنهم إذا حذروا دعاهم الحذر إلى إتقاء كل سيئة وعمل كل حسنة فان توليتم أي اعرضتم ولم تعملوا بما أمرتم به فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين .
29 .
- أي ولم يأل جهدا في ذلك فقامت عليكم الحجة وانتهت الاعذار وانقطعت العلل ولم يبق بعد ذلك إلا العقاب .
وفي هذا كما قال الطبرسي وغيره من التهديد وشدة الوعيد ما لا يخفى وقيل : إن المعنى فاعلموا أنكم لم تضروا بتوليتكم الرسول صلى الله عليه وسلّم لأنه ما كلف إلا البلاغ المبين بالآيات وقد فعل وإنما ضررتم أنفسكم حين أعرضتم عما كلفتموه وليس بشيء إذ لايتوهم منهم ادعاء الضرر بتوليتهم حتى يرد عليهم ومثل ذلك ما قيل : إن المعنى فان توليتم فلا تطمعوا من الرسول E أن يهملكم لأن ما على الرسول إلا البلاغ المبين فلا يجوز له ترك البلاغ ليس على الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناح أي أثم وحرج