وعائشة رضي الله تعالى عنهم والادلة على المذهبين مبسوطة في الفروع والاصول وقد تقدم شطر من الكلام على ذلك في ايمانكم إما متعلق باللغو فانه يقال لغا في يمينه لغوا وإما بمحذوف وقع حالا منه أي كائنا أو واقعا في إيمانكم وجوز أن يكون متعلقا بيؤاخذكم وقيل عليه : إنه لايظهر ربطه بالمؤاخذة إلا أن يجعل في للعلة كما في إن امرأة دخلت النار في هرة ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان اي بتعقيدكم الايمان وتوثيقها بالقصد والنية فما مصدرية وقيل : إنها موصولة والعائد محذؤف أي بما عقدتم الايمان عليه ورجح الأول بأن الكلام في مقابلة اللغو وبأنه خال عن مؤنة التقدير وقال بعضهم : إن ذلك التقدير في غير محله لأن شرط حذف العائد المجرور أن يكون مجرورا بمثل ما جر به الموصول لفظا ومعنى ومتعلقا وما هنا ليس كذلك فليتدبر والمعنى ولكن يؤاخذكم بنكث ما عقدتم أو لكن يؤاخذكم بما عقدتموها إذا حنثتم وحذف ذلك للعلم به والمراد بالمؤاخذلآ المؤاخذة في الدنيا وهي الإثم والكفارة فلا إشكال في تقدير الظرف وتعقيد الايمان شامل للغموس عند الشافعية وفيه كفارة عندهم واما عندنا فلا كفارة ولا حنث .
وقرأ حمزة والكسائي وابن عياش عن عاصم عقدتم بالتخفيف وابن عامر برواية ابن ذكوان عاقدتم والمفاعلة فيها لأصل الفعل وكذأ قراءة التشديد لأن القرءات يفسر بعضها بعضا وقيل : إن ذلك فيها للمبالغة باعتبار ان العقد باللسان والقلب لا أن ذلك التكرار اللساني كما توهم والآية كما أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت حين نهي القوم عما صنعوا فقالوا يا رسول الله كيف نصنع بايماننا التي حلفنا عليها وروي عن ابن زيد أنها نزلت في عبد الله بن رواحة كان عنده ضيف فأخرت زوجته عشاءه فحلف لايأكل من الطعام وحلفت المرأة لاتأكل إن لم يأكل وحلف الضيف لايأكل إن لم يأكلا فأكل عبد الله بن رواحة وأكلا معه فأخبر النبي صلى الله عليه وسلّم بذلك فقال E له : أحسنت ونزلت .
فكفارته الضمير عائد إما على الحنث المفهوم من السياق أو على العقد الذي في ضمن الفعل بتقدير مضاف أي كفارة نكثه أو على ما الموصولة بذلك التقدير وأما عوده على الأيمان لأنه مفرد كالانعام عند سيبويه أو مؤول بمفرد فكما ترى والمراد بالكفارة المعنى المصدري وهي الفعلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة وتسترها والمراد بالستر المحو لأن الممحو لايرى كالمستور وبهذا وجه تأنيثها وذكر عصام الدين أن فعالا يستوي فيه المذكر والمؤنث إلا أن مايستوي فيه ذلك كفعيل إذا حذف موصوفة يؤنث للمؤنث كمررت بقتيلة بني فلان ولا يقال بقتيل للالتباس وذكر أن التاء يحتمل أن تكون للنقل وأن تكون للمبالغة انتهى .
ويدل على أنها بالمعنى المصدري الاخبار عنها بقوله تعالى إطعام عشرة مساكين واستدل الشافعية بظاهر الآية على جواز التكفير بالمال قبل الحنث سواء كان الحنث معصية أم لا وتقييد ذلك كما فعل الرافعي بما إذا لم يكن معصية غير معول عليه عندهم ووجه الاستدلال بذلك على ماذكر أنه سبحانه جعل الكفارة عقب اليمين من غير ذكر الحنث وقال عز شأنه : ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وقيدوا ذلك بالمال ليخرج التكفير بالصوم فأنه لايكون إلا بعد الحنث عندهم لأنه عند العجز عن غيره والعجز لايتحقق بدون حنث وقد قاسوا ذلك أيضا على تقديم الزكاة على الحول واستدلوا أيضا بما أخرجه مسلم عن ابي هريرة رضي