الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير .
ونحن نقول : إن الآيةتضمنت إيجاب الكفارة عند الحنث وهي غير واجبة قبله فثبت أن المراد بما عقدتم الايمان وحنثتم فيها وقد اتفقوا على أن معنى قوله سبحانه : ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من ايام أخر فأفطر فعدة من أيام أخر فكذا هذا والحديث الذي استدلوا به لايصلح للاستدلال لأنه بعد تسليم دلالة الفاء الجزائية على التعقيب من غير تراخ يقال : إن الواقع في حيزها مجموع التكفير والايتاء ولادلالة على الترتيب بينهما ألا ترى أن قوله تعالى : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع لايقتضي تقديم السعي على ترك البيع بالاتفاق وأيضا جاء في رواية فليأت الذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه ونقل بعضهم عن الشافعية أنهم يجمعون بين الروايتين بأن إحداهما لبيان الجواز والأخرى لبيان الوجوب وقال عصام الدين : إن تقديم الكفارة تارة وتأخيرها أخرى يدل على أن التقديم والتأخير سيان .
وأنت تعلم أن الشافعية كالحنفية في أنهم يقدرون في الآية ما أشرنا اليه قبل في تفسيرها إلا أن ذلك عندهم قيد للوجوب وإلا فالاستدلال بالآية في غاية الخفاء كما لايخفى فتدبر و إطعام مصدر مضاف لمفعوله وهو مقدر بحرف وفعل مبني للفاعل وفاعل المصدر يحذف كثيرا ولا ضرورة تدعو إلى تقدير الفعل مبنيا للمفعول لأنه مع كونه خلاف الأصل في تقديره خلاف ذكره السمين فالتقدير هنا فكفارته أن يطعم الحانث أو الحالف عشرة مساكين من أوسط ماتطعمون أهليكم أي من أقصده في النوع أو المقدار وهو عند الشافعية مد لكل مسكين وعندنا نصف صاع من بر أو صاع من شعير .
وأخرج ابن حميد وغيره عن ابن عمر أن الأوسط الخبز والتمر والخبز والزيت والخبز والسمن والأفضل نحو الخبز واللحم وعن ابن سيرين قال : كانوا يقولون الأفضل الخبز واللحم والأوسط الخبز والسمن والأخس الخبز والتمر ومحل الجار والمجرور النصب لأنه صفة مفعول ثان للأطعام لأنه ينصب مفعولين وأولهما هنا ما أضيف اليه والتقدير طعاما أو قوتا كائنا من اوسط وقيل : إنه صفة مصدر محذوف أي اطعاما كائنا من ذلك وجوز أن يكون محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي طعامهم من اوسط أو على أنه صفة لاطعام او على أنه بدل من اطعام .
واعترض هذا بأن أقسام البدل لاتتصور هنا وأجيب بأنه بدل اشتمال بتقدير موصوف وذلك على مذهب ابن الحاجب وصاحب اللباب ومتابعيهما ظاهر لأنهم يكتفون بملابسة بين البدل والمبدل منه بغير الجزئية والكلية وأما على مذهب الجمهور فلأنهم يشترطون اشتمال التابع على المتبوع لا كاشتمال الظرف على المظروف بل من حيث كونه دالا عليه اجمالا ومتقاضيا له بوجه ما بحيث تبقى النفس عند ذكر الأول متشوقة إلىذكر الثاني فيجاء بالثاني ملخصا لما أجمله الأول ومبينا له ويعدون من هذا القبيل قولهم : نظرت إلى القمر فلكه كما صرح به ركن الدين في شرح اللباب ولايخفى أن اطعام عشرة مساكين دال على الطعام إجمالا ومتقاض له بوجه واختار بعض المحققين أنه بدل كل من كل بتقدير إطعام من اوسط نحو