ورجح كونها من الصدق بأن القياس فى صيغ المبالغة الأخذ من الثلاثى ولكن ماحكى ربما يؤيد أنها من المضاعف والحصر الذى أشير اليه مستفاد من المقام والعطف كما قاله العلامة الثانى وتوقف فى ذلك بعضهم وليس فى محله واستدل بالآية من ذهب إلى عدم نبوة مريم عليها السلام وذلك أنه تعالى شأنه انما ذكر فى مرض الإشارة إلى بيان أشرف مالها الصديقية كما ذكر الرسالة لعيس E فى مثل ذلك المعرض فلو كان لها عليها السلام مرتبة النبوة لذكرها سبحانه دون الصديقية لأنها أعلى منها بلا شك نعم الأكثرون على أنه ليس بين النبوة والصديقية مقام وهذا أمر آخر لاضرر له فيما نحن بصدده كانا يأكلان الطعام استئناف لاموضع له من الاعراب مبين لما أشير اليه من كونهما كسائر أفراد البشر بل أفراد الحيوان فى الاحتياج إلى مايقوم به البدن من الغذاء فالمراد من أكل الطعام حقيقته وروى ذلك عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما .
وقيل : هو كناية عن قضاء الحاجة لأن من أكل الطعام احتاج الى النفض وهذا أمر ذوقا فى أفواه مدعى ألوهيتهما لما فى ذلك مع الدلالة على الاحتياج المنافى للألوهية بشاعة عرفية وليس المقصود سوى الرد على النصارى فى زعمهم المنتن واعتقادهم الكريه قيل : والآية فى تقديم مالهما من صفات الكمال وتأخير مالأفراد جنسهما من نقائص البشرية على منوال قوله تعالى : عفا الله عنك لم أذنت لهم حيث قدم سبحانه العفو على المعاتبة له صلى الله عليه و سلم لئلا توحشه مفاجأته بذلك وقوله تعالى : انظر كيف نبين لهم الآيات تعجب من حال الذين يدعو لهما الربوبية ولايرعون عن ذلك بعدما بين لهم حقيقة الحال بيانا لايحوم حوله شائبة ريب والخطاب إما لسيد المخاطبين E أو لكل من له أهلية ذلك وكيف معمول لنبين والجملة فى موضع النصب معلقة للفعل قبلها والمراد من الآيات الدلائل أى انظر كيف نبين لهم الدلائل القطعية الصاعدة ببطلان مايقولون .
ثم انظر أنى يؤفكون .
75 .
- أى كيف يصرفون عن الإصاخة اليها والتأمل فيها لسوء استعدادهم وخباثة نفوسهم والكلام فيه كما مر فيما قبله وتكرير الأمر بالنظر للمباغة فى التعجيب و ثم لاظهار مابين العجبين من التفاوت أى إن بياننا للآيات أمر بديع فى بابه بالغ الأقصى الغايات من التحقيق والايضاح وإعرضهم عنها مع انتفاء مايصححه بالمرة وتعاضد مايوجب قبولها أعجب وأبدع ويجوز أن تكون على حقيقتها والمراد منها بيان استمرار زمان بيان الآيات وامتداده أى أنهم مع طول زمان ذلك لايتأثرون ويؤفكون .
قل أتعبدون من دون الله مالايملك لكم ضرا ولانفعا أمرلا بتبكيتهم إثر التعجيب من أحوالهم والمراد بما لايملك عيسى أوهو وأمه عليهما الصلاة والسلام والمعنى أتعبدون شيئا لايستطيع مثل مايستطيعه الله تعالى من البلايا والمصائب والصحة والسعة أو أتعبدون شيئا لااستطاعة له أصلا فان كل مايستطيعه البشر بايجاد الله تعالى وإقداره عليه لا بالذات وإنما قال سبحانه : ما نظرا إلى ماعليه المحدث عنه فى ذاته وأول أمره وأطواره توطئة لنفى القدرة عنه رأسا وتنبيها على أنه من هذا الجنس ومن كان بينه وبين غيره مشاركة وجنسية كيف يكون إلها وقيل : إن المراد بما كل ماعبد من دون الله تعالى كالأصنام وغيرها فغلب