وهذا حاصل ماذكره صاحب الإقليد فى ذلك وقيل إنهم يقولون الله سبحانه جوهر واحد ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم روح القدس ويعنون بالأول الذات وقيل : الوجود وبالثانى العلم وبالثالث الحياة وإن منهم من قال بتجسمها فمعنى قوله تعالى : وما من إله إلا اله واحد لاإله بالذات منزه عن شائبة التعدد بوجه من الوجوه التى يزعمونها وقد مر تحقيق هذا المقام بما لامزيد عليه فارجع إن أردت ذلك اليه وإن لم ينتهوا عما يقولون أى إن لم يرجعوا عماهم عليه إلى خلافه وهو التوحيد والإيمان ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم .
73 .
- جواب قسم محذوف ساد مسد جواب الشرط على ماقاله أبو البقاء والمراد من الذين كفروا إما الثابتون على الكفر كما اختاره الجبائى والزجاج وإما النصارى كما قيل ووضع الموصول موضع ضميرهم لتكرير الشهادة عليهم بالكفر و من على هذا بيانية وعلى الأول تبعيضية وإنما جىء بالفعل المنبىء عن الحدوث تنبيها على أن الاستمرار عليه بعد ورود ماورد مما يقتضى القلع عنه كفر جديد وغلو زائد على ماكانوا عليه من أصل الكفر والاستفهام فى قوله تعالى : أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه للانكار وفيه تعجيب من إصرارهم أو عدم مبادرتهم إلى التوبة والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أى ألا ينتهون عن تلك العقائد الزائغة والأقوال الباطلة فلا يتوبون إلى الله تعالى الحق ويستغفرونه بتنزيهه تعالى عما نسبوه اليه D أو يسمعون هذه الشهادات المكررة والتشديدات المقررة فلا يتوبون عقيب ذلك والله غفور رحيم .
74 .
- فيغفر لهم ويمنحهم من فضله إن تابوا والجملة فى موضع الحال وهى مؤكدة الانكار والتعجيب والاظهار فى موضع الاضمار لما مر غير مرة .
ماالمسيح ابن مريم إلا رسول استئناف مسوق لتحقيق الحق الذى لامحيد عنه وبيان حقيقة حاله عليه السلام وحال أمه بالإشارة أولا إلى ماامتازوا به من نعوت الكمال حتى صارا من أكمل أفراد الجنس وآخر إلى الوصف المشترك بينهما وبين أفراد البشر بل أفراد الحيوانات وفى ذلك استنزال لهم بطريق التدريج عن الاصرار وإرشاد إلى التوبة والاستغفار أى هو عليه السلام مقصور على الرسالة لايكاد يتخطاها إلى مايزعم النصارى فيه E وهو قوله سبحانه : قد خلت من قبله الرسل صفة رسول منبئة عن اتصافه بما ينافى الألوهية فان خلو الرسل قبله منذر بخلوه وذلك مقتضى لاستحالة الألوهية أى ماهو إلا رسول كالرسل الخالية قبله خصه الله تعالى ببعض الآيات كما خص كلا منهم ببعض آخر منها ولعل ماخص به غيره أعجب وأغرب مما خصه به فانه E إن أحيا من مات من الأجسام التى من شأنها الحياة فقد أحيا موسى عليه السلام الجماد وإن كان قد خلق من غير أب فآ دم E قد خلق من غير أب وأم فمن أين لكم وصفه بالألوهية ! وأمه صديقة أى وما أمه أيضا إلا كسائر النساء اللواتى يلازمن الصدق أو التصديق ويبالغن فى الاتصاف به فمن أين لكم وصفها بما عرى عن أمثالها ! والمراد بالصدق هنا صدق حالها مع الله تعالى وقيل : صدقها فى براءتها مما رمتها به اليهود والمراد بالتصديق تصديقها بما حكى الله تعالى عنها بقوله سبحانه : وصدقت بكلمات ربها وكتبه .
وروى هذا عن الحسن واختاره الجبائى وقيل تصديقها بالأنبياء والصيغة كيفما كانت للمبالغة كشريب