الشرائع ومشاق التكاليف والتعبير بذلك دون بما تركهه أنفسهم للمبالغة فى ذمهم وكلمة كلما كما قال أبو حيان : منصوبة على الظرفية لاضافتها إلى ما المصدرية الظرفية وليست كلمة شرط وقد أطلق ذلك عليها الفقهاء وأهل المعقول ووجه ذلك السفاقسى بأن تسميتها شرطا لاقتضائها جوابا كالشرط الغير الجازم فهى مثل إذا ولابعد فيه وجوابها كما قيل قوله تعالى فريقا كذبوا وفريقا يقتلون .
70 .
- .
وقيل : الجواب محذوف دل عليه المذكور وقدره الن المنير استكبروا لظهور ذلك فى قوله تعالى : أفكلما جاءكم رسول بما لاتهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا الخ والبعض ناصبوه لأنه أدخل فى التوبيخ على ماقابلو به مجىء الرسول الهادى لهم وأنسب بما وقع فى التفصيل مستقحبا غاية الاستقباح وهو القتل على ماسنشير اليه إن شاء الله تعالى فان الاستكبار إنما يفضى اليه بواسطة المناصبة وأما فى الأية الأخرى فقد قصد إلى استقباح الاستكبار نظرا اليه فى نفسه لاقتضاء المقام وادعى بعضهم أن فى الإتيان بالفاء فى آية الاستكبار إشارة إلى اعتبار الواسطة كأنه قيل : استكبرتم فناصبتم ففريقا الخ وفيه نظر والجملة حينئذ استئناف لبيان الجواب وجعل الزمخشرى هذا القول متعينا لأن الكلام تفصيل لحكم تفصيل لحكم أفراد جمع الرسل الواقع قبل أى كلما جاءهم رسول من الرسل والمذكور بقوله سبحانه : فريقا كذبوا الخ يقتضى أن الجائى فى كل مرة فريقان فبينهما تدافع وعلى تقدير قطع النظر عن هذا لايحسن فى مثل هذا المقام تقدير المفعول مثل إن أكرمت أخى أخاك أكرمت لأنه يشعر بالاختصاص المستلزم للجزم بوقوع أصل الفعل مع النزاع فى المفعول وتعليقه بالشرط يشعر بالشك فى أصل الفعل ولأن تقديم المفعول على ماقيل : يوجب الفاء إما لجعله الفعل بعيدا عن المؤثر فيحوجه إلى رابط وإما لأنه بتقديم المفعول أشبه الجملة الاسمية المفترقة إلى الفاء وقيل : فيه مانع آخر لأن المعنى على أنهمكلما جاءهم رسول وقع أحد الأمرين لاكلاهما فلوكان كان جوابا لكان الظاهر أو بدل الواو ومن جعل الجملة جوابا لم ينظر إلى هذه الموانع قال بعض المحققين : أما الأول فلأنه لقصد التغليظ جعل قتل واحد كقتل فريق وقيل : المراد بالرسول جنسه الصادق بالكثير ويؤيده كلما الدالة الدالة على الكثرة وأما الثانى فلأنه لايقضى قواعد العربية مثله وماذكر من الوجوه أوهام لايلتفت اليها ولايوجد مثله فى كتب النحو ومنه يعلم دفع الأخير وتعقب ذلك مولانا شهاب الدين بأنه عجيب من المتبحر الغفلة عن مثل هذا وقد قال فى شرح التسهيل : ويجوز أن ينطلق خيرا يصب خلافا للفراء فقال شراحه : أجاز سيبويه والكسائى تقديم المنصوب بالجواب مع بقاء جزمه وأنشد الكسائى : وللخير أيام فمن يصطبر لها ويعرف لها أيامها الخير يعقب تقديره يعقب الخير ومنع ذلك الفراء مع بقاء الجزم وقال : بل يجب الرفع على التقديم والتأخير أو على إضمار الفاء وتأول البيت بأن الخير صفة للأيام كأنه قال : أيامها الصالحة .
واختار ابن مالك هذا المذهب فى بعض كتبه ولما رأى الزمخشرى اشتراك المانع بين الشرط الجازم ومافى معناه مال اليه خصوصا وقوة المعنى تقتضيه فهو الحق انتهى .
والجملة الشرطية صفة رسلا والرابط محذوف أى رسول منهم وإلى هذا ذهب جمهور المعربين .
واختار مولانا شيخ الاسلام أن الجملة الشرطية مستأنفة وقعت جوابا عن سؤال نشأ من الإخبار بأخذ الميثاق وإرسال الرسل كأنه قيل : فماذا فعلوا بالرسل فقيل كلما جاءهم رسول من اولئك الرسل بما لاتحبه أنفسهم