بعده وإن عد أحسن الوجوه وقيل انه منصوب بفتحة مقدرة على الواو والعطف حينئذ مما لاخفاء فيه واعترض بأن لغة بلحارث وغيرهم الذين جعلوا المثنى دائما بالألف نحو رأيت الزيدان ومررت بالزيدان وأعربوه بحركات مقدرة إنما هى فى المثنى خاصة ولم ينقل نحو ذلك عنهم فى الجمع خلافا لما يقتضيه عبارة أبى البقاء والمسألة ممالايجرى فيها القياس فلا ينبغى تخريج القرآن العظيم على ذلك وقرأ أبى وكذا ابن كثير والصابئين وهو الظاهر والصابيون بقلب الهمزة ياءا على خلاف القياس والصابون بحذفها من صبا بابدال الهمزة ألفا فهو كرامون من رمى .
وقرأ عبد الله ياأيها الذين آمنوا واللذين هادوا والصابئون وقوله سبحانه وتعالى : من امن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا إما فى محل رفع على أنه مبتدأ خبره قوله تعالى : فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون .
96 .
- والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط وجمع الضمائر الأخيرة باعتبار معنى الموصول كما أن إفراد مافى صلته لفظه والجملة خبر إن أو خبر المبتدأ وعلى كل لابد من تقدير العائد أى من آمن منهم وإما فى محل نصب على أنه بدل من اسم إن وماعطف عليه أوما عطف عليه فقط وهو بدل بعض ولابد من الضمير كما تقرر فى العربية فيقدر أيضا وقوله تعالى : فلا خوف الخ خبر والفاء كما قوله D : إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم الآية والمعنى كما قال غير واحد على تقدير كون المراد بالذين آمنوا المؤمنين بألسنتهم وهم المنافقون من أحدث من هؤلاء الطوائف إيمانا خالصا بالمبدأ والمعاد على الوجه اللائق لا كما يزعمه أهل الكتاب فانه بمعزل عن ذلك وعمل عملا صالحا حسبما يقتضيه الإيمان فلا خوف عليهم حين يخاف الكافر العقاب ولاهم يحزنون حين المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب والمراد بيان انتفاء الأمرين لاانتفاء دوامهما على مامرت الإشارة اليه غير مرة وأما على تقدير كون المراد بالذين آمنوا المتدينين بدين النبى صلى الله عليه و سلم مخلصين كانوا أو منافقين فالمراد بمن آمن من اتصف منهم بالإيمان الخالص بما ذكر على الاطلاق سواء كان ذلك بطريق الثبات والدوام كما فى المخلصين أو بطريق الاحداث والإنشاء كما هو حال من عداهم من المنافقين وسائر الطوائف وليس هناك الجمع بين الحقيقة والمجاز كما لايخفى لأن الثبات على الإيمان والاحداث فردان من مطلق الإيمان إلا أن فى هذا الوجه ضم المخلصين إلى الكفرة وفيه إخلال بتكريمهم وربما يقال : إن فائدة ذلك المبالغة فى ترغيب الباقين فى الإيمان ببيان أن تأخرهم فى الاتصاف به غير مخل بكونهم أسوة لأولئك الأقدمين الأعلام وتمام قد مر فى آية البقرة فليراجع لقد أخذنا ميثاق بنى اسرائيل كلام مبتدأ مسوق لبيان بعض آخر من جناياتهم المنادية باستبعاد الإيمان منهم وجعله بعضهم متعلقا بما افتتح الله تعالى به السورة وهو قوله سبحانه : أوفوا بالعقود ولايخفى بعده .
والمراد بالميثاق المأخوذ العهد المؤكد الذي أخذه أنبياؤهم عليهم فى الإيمان بمحمد صلى الله عليه و سلم واتباعه فيما يأتى ويذر أو فى التوحيد وسائر الشرائع والاحكام المكتوبة عليهم فى التوراة .
وأرسلنا إليهم رسلا ذوى عدد كثير وأولى شأن خطير يعرفونهم ذلك ويتعهدونهم بالعظة والتذكير ويطلعونهم على مايأتون ويذرون فى دينهم كلما جاءهم رسول بما لاتهوى أنفسهم أى بما لاتميل اليه من