الايمان والعمل الصالح فغيرهم أولى بذلك ومن هنا قيل : إن الجملة كاعتراض دل على ماذكر وإنما لم تجعل اعتراضا حقيقة لانها معطوفة على جملة إن الذين وخبرها وأورد عليه ماقاله ابن هشام : من أن فيه تقديم الجملة المعطوفة على بعض الجملة المعطوف عليها وإنما يتقدم المعطوف على المعطوف عليه فى الشعر فكذا ينبغى أن يكون تقديمه على بعض المعطوف عليه بل هو أولى من بالمنع وأما ماأجاب به عنه بأن الواو واو الاستئناف التى تدخل على الجمل المعترضة كقوله تعالى : فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار الخ وهذه الجملة معترضة لامعطوفة فلايتمشى فيما نحن فيه لأنه يفوت نكتة التقديم من تأخير التى أشير اليها لأنها لاإذا كانت معترضة لاتكون مقدمة من تأخير وبعض المحققين صرف الخبر المذكور إلى قوله تعالى : والصابئون وجعل خبر إن محذوفا وهو القول الآخر للنحاة فى مثل هذا التركيب وهو موافق للاستعمال أيضا كما فى قوله : نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأى مختلف فان قوله : راضى خبر أنت وخبر نحن محذوف ورجح بأن الإلحاق بالأقرب أقرب وبأنه خال عما يلزم عن النوجيه الأول نعم غاية مايرد عليه أن الأكثر الحذف من الثانى لدلالة الأول وعكسه قليل لكنه جائز وعورض بأن الكلام فيما نحن فيه مسوق لبيان أهل الكتاب فصرف الخبر إليهم أولى وفى توسيط بيان حال الصابئين ماعلمت من التأكيد وأيضا فى صرف الخبر إلى الثانى فصل للنصارى عن اليهود وتفرقة بين أهل الكتاب لأنه حينئذ عطف على قوله سبحانه : والصابئون قطعا نعم لوصح أن المنافقين واليهود أوغل المعدودين فى الضلال والصائبين والنصارة أسهل حسن تعاطفهما وجعل المذكور خبرا عنهما وترك كلمة التحقيق المذكورة فى الأولين دليلا على هذا المعنى وقيل : إن الصابئون عطف على محل إن واسمها وقدز أجازه بعضهم مطلقا وبعضهم منعه مطلقا وفصل آخرون فقالوا : يمتنع قبل مضى الخبر ويجوز بعده .
وذهب الفراء إلى أنه خفى إعراب الاسم جاز لزوال الكراهة اللفظية نحو : إنك وزيد ذاهبان وإلا امتنع والمانع عند الجمهور لزوم توارد عاملين وهما إن والابتداء أو البتدأ على معمول واحد وهو الخبر ولهذا ضعفوا هذا القول فى الآية وبنوا على مذهب الكوفيين وكون خبر المعطوف فيها محذوفا وحينئذ لايلزم التوارد ليس بشىء لأن الجملة حينئذ تكون معطوفة على الجملة ولم يكن ذلك من العطف على المحل فى شىء ومن قال : إن خبر إن مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها لم يلزم عليه حديث التوارد .
ونقل عن الكسائى إن العطف على الضمير فى هادوا وخطأه الزجاج بأنه لايعطف على الضمير المرفوع المتصل من غير فصل وبأنه لو عطف على الفاعل لكان التقدير وهاد الصابئون فيقتضى أنهم هود وليس كذلك ولعل الكسائى يرى صحة العطف من غير فاصل فلا يرد عليه الاعتراض الأول وقيل : إن بمعنى نعم الجوابية ولاعمل لها حينئذ فما بعدها مرفوع المحل على الابتداء والمرفوع معطوف عليه وضعفه أبو حيان بأن ثبوت إن بمعنى نعم فيه خلاف بين النحويين .
وعلى تقدير ثوبته فيحتاج إلى شىء يتقدمها تكون تصديقا له ولايجىء أول الكلام والجواب بأن ثمة سؤالا مقدرا بعيد ركيك وقيل : إن الصابئين عطف على الصلة بحذف الصدر أى الذين هم الصائبون ولايخفى