واستخلف مهلائيل ابنه يرد ودفع الوصية اليه وعلمه جميع العلوم واخبره بما يحدث فى العالم ونظر فى النجوم وفى الكتاب الذى أنزل على آدم E وولد ليرد أخنوخ وهو أدريس E ويقال له هرمس وكان الملك فى ذلك الوقت محويل بن أخنوخ بن قابيل وتنبأ إدريس E وهو ابن أربعين سنة وأراد الملك به سوءا فعصمه الله تعالى وأنزل عليه ثلاثين صحيفة ودفع اليه أبوه وصية جده والعلوم التى عنده وكان قد ولد بمصر وخرج منها وطاف الأرض كلها ورجع فدعا الخلق إلى الله تعالى فأجابوه حتى عمت ملته الأرض وكانت ملته الصابئة وهى توحيد الله تعالى والطهارة والصوم وغير ذلك من رسوم التعبدات وكان فى رحلته إلى المشرق قد أطاعه جميع ملوكها وابتنى مائة وأربعين مدينة أصغرها الرها ثم عاد الى مصر وأطاعه ملكها وآمن به إلى آخر ماقاله ونقله عن التيفاشى ويفهم منه قول فى الصابئة غير الأقوال المتقدمة وفى شذرات الذهب لعبد الحى بن أحمد بن العماد الحنبلى فى ترجمة أبى إسحق الصابئى مانصه : والصابئى بهمز آخره قيل : نسبة إلى صابئى بن متوشلخ بن إدريس E وكان على الحنيفية الأولى وقيل : الصابئى بن ماوى وكان فى عصر الخليل E وقيل : الصابئى عند العرب من خرج عن دين قومه انتهى والنصارى جمع نصران وقد مر تفضيله ورفع الصابئون على الابتداء وخبره محذوف لدلالة خبر إن عليه والنية فيه والتأخير عما فى خبر إن والتقدير إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كيت وكيت والصابئون كذلك بناءا على أن المحذوف فى إن زيدا وعمرو قائم خبر الثانى لا الأول كما هو مذهب بعض النحاة واستدل عليه بقول : صابئى بن الحرث البرجمى : فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإنى وقيار بها لغريب فان قوله : لغريب خبر ان ولذا دخلت عليعه اللام لأنها تدخل على خبر ان لا على خبر المبتدأ إلا شذوذا وقيل : أن غريب فيه خبر عن الاسمين جميعا لأن فعيلا يستوى فيه الواحد وغيره نحو الملائكة بعد ذلك ظهير ورده الخلخالى بأنه لم يرد للاثنين وإن ورد للجمع وأجاب عنه ابن هشام بأنهم قالوا فى قوله تعالى : عن اليمين وعن الشمال قعيد : إن المراد قعيدان وهذا يدل على إطلاقه على الاثنين أيضا فالصواب منع هذا الوجه بأنه يلزم عليه توارد عاملين على معمول واحد ومثله لايصح على الأصح خلافا للكوفيين ويقول بشر بن أبى حازم : إذا جزت نواصى آل بدر فادوها وأسرى فى الوثاق وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة مابقينا فى شقاق فان قوله : بغاة مابقينا خبر إن ولو كان خبر أنتم لقال : مابقيتم و بغاة جمع بمعنى الطالب وقيل أنه باغ من البغى والتعدى وأنتم بغاة جملة معترضة لأنه لايقول فى قومه إنهم بغاة و مابقينا فى شقاق خبر إن وحينئذ لايصلح البيت شاهدا لما ذكر لأن ضمير المتكلم مع الغير فى محله وإنما وسطت الجملة هنا بين إن وخبرها مع اعتبار نية التأخير ليسلم الكلام عن الفصل بين الاسم والخبر وليعلم أن الخبر ماذا دلالة كما قيل على أن الصابئين مع ظهور ضلالهم وزيغهم عن الأديان كلها حيث قبلت توبتهم إن صح منهم