عائشة رضى الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنى لا أحل إلا ماأحل الله تعالى فى كتابه ولا أحرم إلا ماأحرم الله تعالى فى كتابه وقال المرسى : جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط به علما حقيقة إلا المتكلم به ثم رسول الله صلى الله عليه و سلم خلا مااستأثر به سبحانه ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة رضى الله تعالى عنهم وأعلامهم مثل الخلافاء الاربعة ومثل ابن مسعود وابن عباس رضى الله تعالى عنهما حتى قال : لوضاع لى عقال بعير لوجدته فى كتاب الله تعالى ثم ورث عنه التابعون بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضاءل أهل العلم وضعفوا عن حمل ماحمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علومه وقامت كل طائفة بفن من فنونه .
وقال بعضهم : مامن شىء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى حتى أن البعض استنبط عمر النبى صلى الله عليه و سلم ثلاثا وستين سنة من قوله سبحانه فى سورة المنافقين : ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها فانها رأس ثلاث وستين سورة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن فى فقده بنفس ذلك النبى صلى الله عليه و سلم وهذا مما لايكاد ينتطح فيه كبشان فاذا ثبت أن جميع ذلك فى القرآن كان تبليغ القرآن تبليغا له غايه ما فى الباب أن التوقيف على تفصيل ذلك سرا سرا وحكما حكما لم يثبت بصريح العبارة لكل أحد وكم من سر وحكم نبهت عليهما الاشارة ولم تبينهما العبارة ومن زعم أهناك أسرارا خارجة عن عن كتاب الله تعالى تلقاها الصوفية من ربهم بأى وجه كان فقد أعظم الفرية وجاء بالضلال ابن السبهلل بلا مرية .
وقول بعضهم : أخذتم علمكم ميتا عن ميت ونحن أخذناه عن الحى الذى لايموت لايدل على ذلك الزعم لجواز أن يكون ذلك الأخذ من القرآن بواسطة فهم قدسى أعطاه الله تعالى لذلك الآخذ ويؤيد هذا ماصح عن أبى جحيفة قال : قلت لعلى كرم الله تعالى وجهه : هل عندكم كتاب خصكم به رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا إلا كتاب الله تعالى أو فهم أعطيه رجل مسلم أو مافى هذه الصحيفة وكانت متعلقة بقبضة سيفه قال : قلت : ومافى هذه الصحيفة قال : العقل وفكاك الاسير ولايقتل مسلم بكافر .
ويفهم منه كما قال القسطلانى جواز استخراج العالم من القرآن بفهمه مالم يكن منقولا عن المفسرين إذا وافق أصول الشريعة وماعند الصوفية على ماأقول كله من هذا القبيل إلا أن بعض كلماتهم مخالف ظاهرها لما جاءت به الشريعة الغراء لكنها مبنية على اصطلاحات فيما بينهم إذا علم المراد منها يرتفع الغبار وكونهم ملامين على تلك الاصطلاحات لقول على كرم الله تعالى وجهه كما فى صحيح البخارى حدثوا الناس مما يعرفون أتحبون أن يكذب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه و سلم أو غير ملامين لوجود داع لهم إلى ذلك على مايقتضيه حسن الظن بهم بحث آخر لسنا بصدده .
ووقريب من خبر أبى جحيفة ماأخرجه الن أبى حاتم عن عنترة قال : كنت عند ابن عباس رضى الله تعالى عنهما فجاءه رجل فقال : إن ناسا يأتونا فيخبرونا أن عندكم شيئا لم يبده رسول الله صلى الله عليه و سلم للناس فقال : ألم تعلم أن اللله تعالى قال : ياأيها الرسول بلغ ماأنزل الله اليك من ربك والله ماورثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم سوداء فى بيضاء وحمل وعاء أبى هريرة رضى الله تعالى عنه الذى لم يبثه على علم الأسرار غير متعين لجواز أن يكون المراد منه إخبار الفتن وأشراط الساعة وما أخبر به الرسول صلى الله عليه و سلم من فساد الدين على أيدى أغليمة من سفهاء قريش وقد كان أبو هريرة رضى الله تعالى عنه يقول : لو شئت أن أسميهم بأسمائهم لفعلت