أو المراد الأحاديث التى فيها تعيين أسماء أمراء الجور وأحوالهم وذمهم وقد كان رضى الله تعالى عنه يكنى عن بعض ذلك ولايصرح خوفا على نفسه منهم بقوله : أعوذ بالله سبحانه من رأس الستين وإمارة الصبيان يشير إلى خلافة يزيد الطريد لعنه الله تعالى على رغم أنف أوليائه لأنها كانت سنة ستين من الهجرة واستجاب الله تعالى دعاء أبى هريرة رضى الله تعالى عنه فمات قبلها بسنة وأيضا قال القسطلانى : لوكان كذلك لما وسع أبى هريرة كتمانه مع ماأخرج عنه البخارى أنه قال : إن الناس يقولون : أكثر أبو هريرة الحديث ولولا آيتان فى كتاب الله تعالى ماحدثت حديثا ثم يتلو إن الذين يكتمون ماأنزلنا من البينات والهدى إلى قوله تعالى : الرحيم إلى آخر ماقال فان ماتلاه دال على ذم كتمان العلم لاسيما العلم الذى يسمونه علم الأسرار فان الكثير منهم يدعى أنه لب ثمرة العلم وأيضا ان أبا هريرة نفى بث ذلك الوعاء على العموم من غير تخصيص فكيف يستدل به لذلك وأبو هريرة لم يكشف مستوره فيما أعلم فمن أين علم أن الذى علمه هو هذا ! ومن ادعى فعليه البيان ودونه قطع الأعناق .
فالاستدلال بالخبر لطريق القوم فيه مافيه ومثله ماروى عن زين العابدين رضى الله تعالى عنه نعم للقوم متمسك غير هذا مبين فى موضعه لكن لايسلم لأحد كائنا من كان أن ماهم عليه مما خلا عنه كتاب الله تعالى الجليل أو أنه أمر وراء الشريعة ومن برهن على ذلك بزعمه فقد ضل ضلالا بعيدا فقد قال الشعرانى قدس سره فى الأجوبة المرضية عن الفقهاء والصوفية : سمعت سيدى عليا المرصفى يقول : لايكمل الرجل فى مقام المعرفة والعلم حتى يرى الحقيقة مؤيدة لشريعة وأن التصوف ليس بأمر زائد على السنة المحمدية وإنما هو عينها .
وسمعت سيدى عليا الخواص يقول مرارا : من ظن أن الحقيقة تخالف الشريعة أو عكسه فقد جهل لأنه ليس عند المحققين شريعة تخالف حقيقة أبدا حتى قالوا : شريعة بلا حقيقة عاطلة وحقيقة بلا شريعة باطلة خلاف ماعليه القاصرون من الفقهاء والفقراء وقد يستند من زعم المخالفة بين الحقيقة والشريعة إلى قصة الخضر مع موسى عليهما السلام وسيأتى إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك على وجه لايستطيع المخالف معه على فتح شفة .
ومما نقلنا عن القسطلانى فى خبر أبى جحيفة يعلم الجواب عما قيل فى الاعتراض على الصوفية : من أن ماعندهم ان كان موافقا للكتاب والسنة فهما بين أيدينا وإن كان مخالفا لهما فهو رد عليهم ومابعد الحق إلا الضلال والجواب باختيار الشق الأول وكون الكتاب والسنة بين أيدينا لايستدعى عدم إمكان استنباط شىء منهما بعد ولايقتضى انحصار مافيهما فيما علمه العلماء قبل فيجوز أن يعطى الله تعالى لبعض خواص عباده فهما يدرك به منهما مالم يقف عليه أحد من المفسرين والفقهاء المجتهدين فى الدين وكم ترك الأول للآخر وحيث سلم للأئمة الأربعة مثلا اجتهادهم واستنباطهم من الآيات والاحاديث مع مخالفة بعضهم بعضا فما المانع من أن يسلم للقوم مافتح لهم من معانى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم وإن خالف ماعليه بعض الأئمة لكن لم يخالف ماانعقد عليه الاجماع الصريح من الأمة المعصومة وأرى التفرقة بين الفريقين مع ثبوت علم كل فى القبول والرد تحكما بحتا كما لايخفى علىالمنصف وزعمت الشيعة أن المراد بما أنزلنا اليك خلافة على كرم الله تعالى وجهه فقد رووا بأسانيدهم عن أبى جعفر وأبى عبد الله رضى الله تعالى عنهما أن الله تعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه و سلم أن يستخلف عليا كرم الله تعالى وجهه فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له E بما أمره بأدائه