على أى حال يشاء أى على مشيئته أى مريدا وقيل : إن جملة ينفق فى الموضع الحال من الضمير المجرور فى يداه واعترض بأن فيه الفصل بالخبر وبأنه مضاف إليه والحال لايجىء منه ورد بأن الفصل بين الحال وذيها ليس بممتنع كما فى قوله تعالى حكاية : هذا بعلى شيخا إذ قيل : إن شيخا حال من اسم الاشارة والعامل فيه التنبيه وأن الممنوع مجىء الحال من المضاف اليه إذا لم يكن جزءا أو كجزء أو عاملا وههنا المضاف جزء من المضاف اليه أو كجزء فليس بممتنع وجوز أن تكون فى موضع الحال من اليدين أو من ضميرهما ورد بأنه لاضمير لهما فيها وأجيب بأنه لامانع من تقدير ضمير لهما أى ينفق بهما ومن هنا قيل : بجواز كونها خبرا ثانيا للمبتدأ نعم التقدير خلاف الأصل والظاهر وهو إنما يقتضى المرجوجية لا الامتناع وترك سبحاته ذكر ماينفقه لقصد التعميم وليزيدن كثيرا منهم وهم علماؤهم ورساؤهم أو المقيمون على الكفر منهم مطلقا ماأنزل اليك من القرآن المشتمل على هذه الآيات وتقديم المفعول للاعتناء به من ربك متعلق بأنزل كما أن اليك كذلك واخبره عنه مع أن حق المبتدأ أن يقدم على المنتهى لاقتضاء المقام كما قال شيخ الاسلام الاهتمام ببيان المنتهى لأن مدار الزيادة هو النزول اليه صلى الله عليه و سلم وفى التعبير بعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره E مالايخفى من التشريف والموصول فاعل ليزيدن والاسناد مجازى و كثيرا مفعوله الأول و منهم صفته وقوله تعالى : طغيانا وكفرا مفعوله الثانى أى ليزيدنهم طغيانا على طغيانهم وكفرا على كفرهم القديمين لأن الزيادة تقتضى وجود المزيد عليه قبلها وهذه الزيادة إما من حيث الشدة والغلو وإما من حيث الكم والكثرة إذ كلما نزلت آية كفروا بها فيزداد طغيانهم وكفرهم بحسب المقدار وهذا كما أن الطعام للاصحاء يزيد المرضى مرضا ويحتمل أن يراد بماأنزل النعم التى منحها الله تعالى نبيه E أى أنهم كفروا وتمادوا على الكفر وقالوا ماقالوا حيث ضيق الله تعالى عليهم وكف عنهم مابسط لهم فمتى رأو مع ذلك بسط نعمائه وتواتر آلائه على نبيه صلى الله عليه و سلم الذى هو أعدى أعدائهم ازدادوا غيظا وحنقا على ربهم سبحانه فضموا إلى طغيانهم الأول طغيانا وإلى كفرهم كفرا وحينئذ تلائم الآية ماقبلها أشد ملائمة إلا أن ذلك لايخلو عن بعد ولم أر من ذكره .
والقينا بينهم أى اليهود .
وقال فى البحر : الضمير لليهود والنصارى لأنه قد جرى ذكرهم فى قوله سبحانه : لاتتخذوا اليهود والنصارى ولشمول قوله D : يأهل الكتاب للفريقين وروى ذلك عن الحسن ومجاهد .
العدواة والبغضاء فلا تكاد تتوافق قلوبهم ولاتتحد كلمتهم فمن اليهود جبرية ومنهم قدرية ومنهم مرجئة ومنهم مشبهة و العدواة والبغضاء بين فرقة وفرقة قائمتان على ساق وكذا من النصارى الملكانية والبعقوبية والنسطورية وحالهم حالهم فى ذلك وحال اليهود مع النصارى أظهر من أن تخفى ورجح عود الضمير إلى اليهود بأن الكلام فيهم وفائدة هذا الإخبار هنا إزاحة ماعسى أن يتوهم من ذكر طغيانهم وكفرهم من الاجتماع على أمر يؤدى إلى الاضرار بالمسلمين وقال أبو حيان بعد أن أرجع الضمير للطائفتين : ان المعنى لايزال اليهود والنصارى متباغضين متعادين قلما توافق احدى الطائفتين الاخرى ولاتجتمعان على قتالك وحربك وفى ذلك إخبار بالغيب فانه لم يجتمع لحرب المسلمين جيش يهود ونصارى منذ سل سيف الاسلام