اللفظ فيكون تجنسيا وقيل : هى من حيث اللفظ وملاحظة أصل المجاز كما تقول : سبنى سبب الله تعالى دابره أى قطعه لأن السبب أصله القطع وإالى هذا الزمخشرى واستطيبه الطيبى وقال : إن هذه مشاكلة لطيفة بخلاف قوله : قالوا : اقترح شيئا نجد لك طبخه قلت : اطبخو لى جبة وقميصا واختار أبو على الجبائى إن ذلك إخبار عن حالهم يوم القيامة أى شدت أيديهم إلى أعناقهم فى جهنم جزاء هذه الكلمة العظيمة وحكاه الطبرسى عن الحسن ثم قال : فعلى هذا يكون الكلام بتقدير الفاء أو الواو فقد تم كلامهم واتؤنف بعده كلام آخر ومن عادتهم أن يحذفوا فيما يجرى هذا المجرى ومن ذلك قوله : وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا وأنت تعلم أن مثل هذا على الاستئناف البيانى ولاحاجة فيه إلى تجشم مؤونة التقدير على أن كلام الحسن فيما نرى ليس نصا فى كون الجملة إخبارية إذ قصارى ماقال : غلت أيديهم فى جهنم وهو محتمل لأن يكون دعاء عليهم بذلك ولعنوا أى أبعدوا عن رحمة الله تعالى وثوابه بما قالوا أى بسبب قولهم أو بالذى قالوه من ذلك القول الشنيع وهذا دعاء ثان معطوف على الدعاء الأول والقائل بخبريته وقرىء ولعنوا بسكون العين .
بل يداه مبسوطتان عطف على مقدر يقتضيه المقام أى كلا ليس الشأن كما زعموا بل فى غاية مايكون من الجود واليه كما قيل أشير بتثنية اليد فان أقصى ماتنتهى اليه همم الأسخياء أن يعطوا بكلتا يديهم وقيل : اليد هنا أيضا بمعنى النعمة وأريد بالتثنية نعم الدنيا ونعم الآخرة أو النهم الظاهرة والنعم الباطنة أو مايعطى للاستدراج ومايعطى للاكرام وقيل : وروى عن الحسن أنها بمعنى القدرة كاليد الاولى وتثنيتها باعتبار تعلقها بالثواب وتعلقها بالعقاب وقيل : المراد من التثنية التكثير كما فى فارجع البصر كرتين والمراد من التكثير مجرد المبالغة فى كمال القدرة وسعتها لا أنها متعددة ونظير ذلك قول الشاعر : فسرت أسرة طرتيه فغورت فى الخصر منه وأنجدت فى نجده فانه لم يرد أن ذلك الرشاد طرتين إذ ليس للانسان إلا طرة واحدة وإنما أراد المبالغة .
وقال سلف الأمة رضى الله تعالى عنه : إن هذا من المتشابه وتفويض تأويله إلى الله تعالى هو الأسلم وقد صح عن النبى صلى الله عليه و سلم أنه أثبت لله D يدين وقال : وكلتا يديه يمين ولم يرو عن أحد من أصحابه صلى الله عليه و سلم أنه أول ذلك بالنعمة أو بالقدرة بل أبقوها كما وردت وسكتوا ولئن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب لاسيما فى مثل المواطن وفى مصحف عبد الله بل يداه بسطان يقال : يد بسط بالعروف ونحوه مشية سجح وناقة سرح ينفق كيف يشاء جملة مستأنفة واردة لتأكيد كمال جوده سبحانه لما فيها من الدلالة على تعميم الأحوال المستفاد من كيف وفيها تنبيه على سر ماابتلوا به من الضيق الذى اتخذوه من غاية جهلهم وضلالهم ذريعة إلى الاجتراء على كلمة ملأ الفضاء قبحها والمعنى أن ذلك ليس لقصور فى فيضه بل لأن إنفاقه تابع لمشيئه المبنية على الحكم الدقيقة التى عليها تدور أفلاك المعاش والمعاد وقد اقتضت الحكمة إذ كفروا بآيات الله تعالى وكذبوا رسوله صلى الله عليه و سلم أن يضيق عليهم و كيف ظرف ليشاء والجملة فى موضع نصب على الحالية من ضمير ينفق أى ينفق كائنا