وفرق السمين بين العداوة والبغضاء بأن العداوة أخص من البغضاء لأن كل عدو مبغض وقد يبغض من ليس بعدو الى يوم القيامة متعلق بألقينا وجوز أن يتعلق بالبغضاء أى إن التباغض بينهم مستمر ماداموا وليست حقيقة الغاية مرادة ولم يجوز أن يتعلق بالعداوة لئلا يلزم الفصل بين المصدر بأجنبى كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله تصريح بما أشير اليه من عدم وصول غائلة ماهم فيه إلى المسلمين والمراد كلما أرادوا محاربة الرسول صلى الله عليه و سلم ورتبوا مباديها ردهم الله تعالى وقهرهم بتفرق آرائهم وحل عزائمهم وإلقاء الرعب فى قلوبهم فإيقاد النار كناية عن إرادة الحرب وقد كانت العرب إذا تواعدت للقتال جعلوا علامتهم إيقاد نار على جبل أو ربوة ويسمونها نار الحرب وهى إحدى نيران مشهورة عندهم وإطفاؤها عبارة عن دفع شرهم وحكى فى البحر قولين فىالآية : فعن قوم إن لايقاد حقيقة وكذا الإطفاء أى أنهم كلما أوقدوا نارا للمحاربة ألقى عليهم الرعب فتقاعدوا وأطفأها وإضافا الإطفاء اليه تعالى إضافة المسبب إلى السبب الأصلى .
وعن الجمهور إن الكلام مخرج مخرج الاستعارة والمراد من إيقاد النار إظهار الكيد بالمؤمنين الشبيه بالنار فى الأضرار ومن إطفائها صرف ذلك عن المؤمنين ولعل القول بالكناية ألطف منهما وكون المراد من الحرب محاربة الرسول صلى الله عليه و سلم هو المروى عن الحسن ومجاهد وقيل : هو أعم من ذلك أى كلما أرادوا حرب أحد غلبوا فان اليهود لما خالفوا حكم التوراة سلط الله تعالى عليهم بختنصر ثم أفسدوا فسلط سبحانه عليهم فطرس الرومى ثم أفسدوا فسلط جل شأنه عليهم المجوس ثم أفسدوا فسلط عليهم D رسوله E فأباد خضراءهم واستأصل شافتهم وفرق جمعهم وأذلهم فاجلى بنى النضير وبنى قينقاع وقتل بنى قريظة وأسر أهل خيبر وغلب على فدك ودان له أهل وادى القرى وضرب على أهل الذمة الجزية وأبقاءهم الله تعالى فى ذل لايعزون بعده أبدا وإطفاء النار على هذا عبارة عن الغلبة عليهم قاتلهم الله تعالى و للحرب متعلق بأوقدوا واللام للتعليل أو متعلق بمحذوف وقع صفة لنار وهو الأوفق بالتسمية ويسعون فى الأرض فسادا أى يجتهدون فى الكيد للاسلام وأهله وإثارة الشر والفتنة فيما بينهم ممايغاير ماعبر عنه بايقاد نار الحرب كتغيير صفة النى صلى الله عليه و سلم وإدخال الشبه على ضعفاء المسلمين والمشى بالنميمة مع الافتراء ونحو ذلك و فسادا إما مفعول له وعليه اقتصر أبو البقاء أو فى موضع المصدر أو حال من ضمير يسعون أى يسعون للفساد أو سعى فساد أو مفسدين .
والله لايحب المفسدين .
64 .
- بل يبغضهم ولذلك أطفأ نائرة فسادهم واللام اما للجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا وإما للعهد ووضع المظهر موضع ضميرهم للتعليل وبيان كونهم راسخين فى الإفساد .
والجملة الابتدائية مسوقة لإزاحة ماعسى أن يتوهم من تأثير اجتهادهم شيئا من الضرر وجعلها بعضهم فى موضع الحال وفائدتها مزيد تقبيح حالهم وتفظيع شأنهم ولو أهل الكتاب أى اليهود والنصارى على أن المراد بالكتاب الجنس الشامل للتوراة والانجيل ويمكن أن يراد بهم اليهود فقط وذكر الإنجيل ليس نصا فى اقتضاء العموم إلا أن الذى عليه عامة المفسرين والعموم وذكروا بذلك العنوان تأكيدا للتشنيع عليهم والمراد بهم معاصروا رسول الله صلى الله عليه و سلم أى ولو أنهم مع صدور ماصدر منهم من فنون الجنايات