جهة المؤمنين وعلى الثانى من جهة المقسمين وفى البحر أن الخطاب على التقدير الثانى للمؤمنين أى يقول الذين آمنوا بعضهم لبعض تعجبا من حال المنافقين إذ أغلظوا بالأيمان لهم وأقسموا أنهم معكم وأنهم معاضدوكم على أعدائكم اليهود فلما حل باليهود ماحل أظهروا ماكانوا يسرونه من موالاتهم والتمالىء على المؤمنين : واليه يشير كلام عطاء وليس بشىء كما لايخفى وجملة إنهم لمعكم لامحل لها من الاعراب لأنها تفسير وحكاية لمعنى أقسموا لكن لابألفاظهم وإلالقيل : إنا معكم وذكر السمين وغيره أنه يجوز أن يقال : حلف زيد لأفعلن وليفعلن وجهد أيمانهم منصوب على أنه مصدر لأقسموا من معناه والمعنى أقسموا إقساما مجتهدا فيه أو هو حال بتأويل مجتهدين وأصله يجتهدون جهد أيمانهم فالحال فى الحقيقة الجملة ولذا ساغ كونه حالا كقولهم : افعل ذلك جهدك مع أن الحال حقها التنكير لأنه ليس حالا بحسب الاصل .
وقال غير واحد : لايبالى بتعريف الحال هنا لأنها فى التأويل نكرة وهو مستعار من جهد نفسه إذا بلغ وسعها ن فحاصل المعنى أهولاء الذين إكدوا الايمان وشددوها حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين .
53 .
- يحتمل أن يكون هذا جملة مستأنفة مسوقة من جهته تعالى لبيان مآ ل ماصنعوه من ادعاء الولاية والقسم على المعية فى كل حال إثر الاشارة إلى بطلانه بالاستفهام وأن يكون من جملة مقول المؤمنين بأن يجعل خبرا ثانيا لاسم الإشارة وقد قال بجواز نحو ذلك بعض النحاة ومنه قوله سبحانه : فاذا هى حية تسعى أو يجعل هو الخبر والموصول مافى حيز صلته صفة للمبتدأ فالاستفهام حينئذ للتقرير وفيه معنى التعجب كأنه قيل : ماأحبط أعمالهم فما أخسرهم والمعنى بطلت أعمالهم التى عملوها فى شأن موالاتكم وسعوا فى ذلك سعيا بليغا حيث لم تكن لكم دولة كما ظنوا فينتفعوا بما صنعوا من المساعى وتحملوا من مكابدة المشاق وفيه من الاستهزاء بالمنافقين والتقريع للمخاطبين مالايخفى قاله شيخ الاسلام وذهب بعضهم إلى أنه إذا كانت من جملة المقول فهى فى محل نصب بالقول بتقدير أن قائلا يقول : ماذا قال المؤمنون بعد كلامهم ذلك فقيل : قالوا : حبطت أعمالهم الخ والجملة اما اخبارية وشهادة المؤمنين بمضمومنها على تقدير أن يكون المراد به خسران دنيوى وذهاب الأعمال بلا نفع يترتب عليها هو ماأملوه من دولة اليهود مما لاإشكال فيه وعلى تقدير أن يكون المراد أمرا أخرويا فيحتمل ان يكون باعتبار مايظهر من حال المنافقين فى ارتكاب ماارتكبوا وأن تكون باعتبار إخبار النبى صلى الله عليه وسلّم بذلك واما جملة دعائية ولاضير فى الدعاء بمثل ذلك على مامرت الاشارة إليه وأشعر كلام البعض أن فى الجملة معنى التعجب مطلقا سواء كانت من جملة القول أو من قول الله تعالى ولعله بعيد عند من يتدبر .
ياأيها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه شروع فى بيان حال المرتدين على الاطلاق بعد أن نهى سبحانه فيما سلف عن موالاة اليهود والنصارى وبين أن موالاتهم مستدعية للارتداد عن الدين وفصل مصير من يواليهم من المنافقين قيل : وهذا من الكائنات التى أخبر عنها القرآن قبل وقوعها فقد روى أنه ارتد عن الاسلام إحدى عشرة فرقة ثلاث فى عهد رسول الله A بنو مدلج ورئيسهم ذو الحمار وهو الاسود العنس كان كاهنا تنبأ باليمن واستولى على بلاده فأخرج منها عمال النبى A فكتب E إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن فأهلكه الله تعال على فيروز الديلمى