مبتدأ الجبائى وقيل : هو حكاية للامر الوارد عليهم بتقدير فعل معطوف على آتيناه أى وقلنا ليحكم أهل الإنجيل وحذف القول لدلالة ماقبله عليه كثير فى الكلام ومنه قوله تعالى : والملائكة يدخلون عليه من كل باب سلام عليكم واختار ذلك على بن عيسى .
وقرأ حمزة وليحكم بلام الجر ونصب الفعل بأن مضمرة والمصدر معطوف على هدى وموعظة على تقدير كونهما معللين وأظهرت اللام فيه لاختلاف الفاعل فان فاعل الفعل المقدر ضمير الله تعالى وفاعل هذا أهل الكتاب وهو متعلق بمحذوف على الوجه الأول فى هدى وموعظة أى وآتيناه ليحكم الخ وإنما لم يعطف لعدم صحة عطف العلة على الحال ومنهم من جوز العطف بناءا على أن الحال هنا فى معنى العلة وهو ضعيف وقدر بعضهم فى الكلام على تقدير التعليل عليه متعلقا بأنزل ليصح كونه علة لايتاء عيسى E ماذكر .
وعن أبى على أنه قرأ وأن ليحكم على أن أن موصولة بالأمر كما فى قولك : أمرته بأن قم ومعنى الوصل أن أن تتم بما بعدها جزء كلام كالذى وأخواته ووصل أن المصدرية بفعل الأمر مما تكرر القول به فى الكشاف وذكر فيه نقلا عن سيبويه وقدر هنا أمرنا كأنه قيل : وآتيناه الإنجيل وأمرنا بأن يحكم وأورد على سيبويه مادقق صاحب الكشف فى الجواب عنه وأتى بما يندفع به كثير من الأسئلة على أن المصدرية والتفسيرية ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الفاسقون .
47 .
- أى المتمردون الخارجون عن حكمه أو عن الايمان وقد مر تحقيقه والجملة تذييل مقرر لمضمون الجملة السابقة ومؤكدة لوجوب الامتثال بالأمر والآية تدل على أن الانجيل مشتمل على الأحكام وأن عيسى عليه السلام كان مستقلا بالشرع مأمورا بالعمل بما فيه من الأحكام قلت أو كثرت لابما فى التوراة خاصة ويشهد لذلك أيضا حديث البخارى أعطى أهل التوراة التوراة فعملوا بها وأهل الانجيل الانجيل فعملوا به وخالف فى ذلك بعض الفضلاء ففى الملل والنحل للشهرستانى جميع بنى اسرائيل كانوا متعبدين بشريعة موسى عليه السلام مكلفين التزام أحكام التوراة والانجيل النازل على المسيح عليه السلام لايحتضن أحكاما ولايستبطن حلالا وحراما ولكنه رموز وأمثال ومواعظ وما سواها من الشرائع والأحكام محال على التوراة ولهذا لم تكن اليهود لتنقاد لعيسى E وحمل المخالف هذه الآية على وليحكموا بما أنزل الله تعالى فيه من ايجاب العمل بأحكام التوراة وهو خلاف الظاهر كتخصيص ماأنزل فيه نبوة نبينا صلى الله عليه وسلّم .
وأنزلنا إليك الكتاب أى الفرد الكامل الحقيق بأن يسمى كتابا على الاطلاق لتفوقه على سائر الكتب السماوية وهو القرآن ةالعظيم فاللام للعهد والجملة عطف على أنزلنا وما عطف عليه وقوله تعالى : بالحق حال مؤكدة من الكتاب أى متلبسا بالحق والصدق وجوز أن يكون حالا من فاعل أنزلنا وقيل : حال من الكاف فى إليك وقوله تعالى : مصدقا لما بين يديه حال من الكتاب أى حال كونه مصدقا لما تقدمه وقد تقدم الكلام فى كيفية تصديقه لذلك وزعم أبو البقاء عدم جواز كونه حالا مما ذكر إذ لايكون حالان لعامل واحد وأجب كونه حالا من الضمير المستكن فى الجار والمجرور قبله وقوله سبحانه : من الكتاب بيان لما واللام فيه للجنس بناءا على ادعاء أن ماعدا الكتب