لايقتلوا الشريف بالوضيع والرجل بالمرأة فلم ينصفوا المظلوم من الظالم وعن السيد السند أن القصاص كان فى شريعتهم متعينا عليهم فيكون التصدق مما زيد فى شريعتنا وقال الضحاك لم يجعل فى التوراة دية فى نفس ولاجرح وإنما كان العفو أو القصاص وهو الذى يقتضيه ظاهر الآية وقفينا على اثارهم شروع فى بيان أحكام الانجيل كما قيل إثر بيان أحكام التوراة وهو عطف على أنزلنا التوراة وضمير الجمع المجرور للنبيين الذين أسلموا كما قاله أكثر المفسرين واختاره على بن عيس والبلخى وقيل : للذين فرض عليهم الحكم الذى مضى ذكره وحكى ذلك عن الجبائى وليس بالمختار والتقفية الاتباع ويقال : قفا فلان إثر فلان إذا تبعه وقفيته بفلان إذا أتبعته اياه والتقدير هنا أتبعناهم على آثارهم بعيسى ابن مريم فالفعل كما قيل : متعد لمفعولين أحدهما بنفسه والآخر بالباء والمفعول الأول محذوف و على آثارهم كالساد مسده لأنه إذا قفا به على آثارهم فقد قفاهم به واعترض بأن الفعل قبل التضعيف كان متعديا إلى واحد وتعدية المتعدى إلى واحد لثان بالباء لاتجوز سواء كان بالهمزة أو التضعيف ورد بأن الصواب أنه جائز لكنه قليل وقد جاء منه ألفاظ قالوا : صك الحجر الحجر وصككت الحجر بالحجر ودفع زيد عمرا ودفعت زيدا بعمر أى جعلته دافعا له .
وذهب بعض المحققين إلى أن التضعيف فيما نحن فيه ليس للتعدية وأن تعلق الجار بالفعل لتضمينه معنى المجىء أى جئنا بعيسى ابن مريم على آثارهم قافيا لهم فهو متعد لواحد لاغير بالباء وحاصل المعنى أرسلنا عيسى عليه السلام عقيبهم مصدقا لما بين يديه من التوراة حال من عيسى مؤكدة فان ذلك من لازم الرسول E وإتيناه الانجيل عطف على قفينا وقرأ الحسن بفتح الهمزة ووجه صحة ذلك أنه اسم أعجمى فلا بأس بان يكون على ماليس فى أوزان العرب وهو بأفعيل أو فعليل بالفتح وإما إفعيل بالكسر فله نظائر كإبزيم وإحليل وغير ذلك فيه هدى ونور كما فى التوراة والجملة فى موضع النصب على انها حال من الإنجيل وقوله تعالى : ومصدقا لما بين يديه من التوراة عطف على الحال وهو حال أيضا وعطف الحال المفردة على الجملة الحالية وعكسه جائز لتأويلها بمفرد وتكرير هذا لزيادة التقرير ووقوله D : وهدى وموعظة للمتقين .
46 .
- عطف على ماتقدم منتظم معه فى سلك الحالية وجعل كله هدى بعد ماجعل مشتملا عليه مبالغة فى التنويه بشأنه لما أن فيه البشارة بنبينا صلى الله عليه وسلّم أظهر وتخصيص المتقين بالذكر لأنهم المهتدون بهداه والمنتفعون بجدواه وجوز نصب هدى وموعظة على المفعول لها عطفا على مفعول له آخر مقدر أى اثباتا لنبوته وهدى الخ ويجوز أن يكونا معللين لفعل محذوف عامل فيه أى وهدى وموعظة للمتقين آتيناه ذلك وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه أمر مبتدأ لهم بأن يحكموا ويعلموا بما فيه من الأمور التى من جملتها دلائل رسالته A وما قررته شريعته الشريفة من أحكامه وأما الأحكام المنسوخة فليس الحكم بها حكما بما أنزل الله تعالى بل هو إبطال وتعطيل له إذ هو شاهد بنسخها وانتهاء وقت العمل بها لأن شهادته بصحة ماينسخها من الشريعة الأحمدية شاهدة بنسخها وأن أحكامه ماقررته تلك الشريعة التى تشهد بصحتها كما قرر شيخ الاسلام قدس سره واختار كونه أمرا