أن الفصل المقدر يكفى للعطف وفيه نظر ويقدر المتعلق على هذا عاما ليصح العطف إذ لو قدر النفس مقتولة بالنفس والعين لم يستقم المعنى كما لايخفى فليفهم .
واعلم أن النفس فى كلامهم إذا أريد منها الإنسان بعينه مذكر ويقال : ثلاثة أنفس على معنى ثلاثة أشخاص وإذا أريد بها الروح فهى مؤنثة لاغير وتصغيرها نفيسة لاغير والعين بمعنى الجارحة المخصوصة مؤنثة وإطلاق القول بالتأنيث لايظهر له وجه إذ لايصح أن يقال : هذه عين هؤلاء الرجال وأنت تريد الخيار والأذن مثالها والأنف مذكر لاغير والسن تؤنث ولاتذكر وإن كانت السن من الكبر لكن ذكر ابن الشحنة أن السن تطلق على الضرس والناب وقد نصوا على أنهما مذكران وكذا الناجذ والضاحك والعارض ونص ابن عصفور على أن الضرس يجوز فيه الأمران ونظم مايجوز فيه ذلك بقوله : وهاك من الأعضاء ماقد عددته تؤنث أحيانا وحينا تذكر لسان الفتى والإبط والعنق والقفا وعاققه والمتن والضرس وعندى الذراع وإكراع مع المعى وعجز الفتى ثم القريض المحبر كذا كل نحوى حكى فى كتابه سوى سيبويه وهو فيهم مكبر يرى أن تأنيث الذراع هو الذى أتى وهو للتذكير فى ذاك منكر وقد شاع أن مامنه اثنان فى البدن كاليد والضلع والرجل مؤنث ومامنه واحد كالرأس والفم والبطن مذكر وليس ذاك بمطرد فان الحاجب والصدغ والخد والمرفق والزند كل منها مذكر مع ان البدن منه اثنين والكبد والكرش فانهما مؤنثان وليس منهما فى البدن إلا واحد وتفصيل مايذكر ولا يؤنث ومايؤنث ولايذكر من الاعضاء يفضى إلى بسط يد المقال والكف أولى بمقتضى الحال هذا والجروح قصاص بالنصب عطف على اسم إن وقصاص هو الخبر ولكونه مصدرا كالقتال وليس عين المخبر عنه يؤول بأحد التأويلات المعروفة فى أمثاله والكسائى كما قرأ بالرفع فيما قبل قرأ به هنا أيضا وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وإن نصبوا فيما تقدم رفعوا هنا على أنه إجمال لحكم الجراح بعد مافصل حكم غيرها من الاعضاء وهذا الحكم فيما إذا كانت بحيث تعرف المساواة كما فصل فى الكتب الفقهية واستدل بعموم أن النفس بالنفس من قال : يقتل المسلم بالكافر والحر بالعبد والرجل بالمرأة ومن خالف استدل بقوله تعالى : الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى وبقوله صلى الله عليه وسلّم : لايقتل مؤمن بكافر وأجاب بعض أصحابنا بأن النص تخصيص بالذكر فلا يدل على نفى ماعداه والمراد بماروى الحربى لسياقه ولاذو عهد فى عهده والعطف يقتضى المغايرة وقد روى أنه E قتل مسلما بذمى وذكر ابن الفرس أن الآية فى الأحرار المسلمين لأن اليهود المكتوب عليهم ذلك فى التوراة كانوا ملة واحدة ليسوا منقسمين إلى مسلم وكافر وكانوا كلهم أحرار لاعبيد فيهم لأن عقد الذمة والاستعباد إنما أبيح للنبى A من بين سائر الأنبياء لأن الاستعباد من الغنائم ولم تحل لغيره E وعقد الذمة لبقاء الكفار ولم يقع ذلك فى عهد نبى بل كان المكذبون يهلكون جميعا بالعذاب وأخر ذلك فى هذه الأمة رحمة انتهى