أو سماعون لقوم يسنون السنن السيئة يحرفون الكلم وهى التعينات الآلهية من بعد مواضعه فيزيلونها عماهى من الدلالة على الوجوه الحقانى أو يغيرون قوانين الشريعة بتمويهات الطبيعة كمن يؤول القرآن والاحاديث على وفق هوا وليس مانحن فيه من هذا القبيل كما يزعمه المحجوبون لأن ذلك إنما يكون بإنكار أن يكون الظاهر مرادا لله تعالى وقصر مراده سبحانه على هذه التأويلات ونحن نبرأ إلى الله D من ذلك فانه كفر صريح وإنما نقول : المراد هو الظاهر وبه تعبد الله تعالى خلقه لكن فيه إشارة إلى أشياء أخر لايكاد يحيط بها نطاق الحصر يوشك أن يكون ماذكر بعضا منها ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا قال ابن عطاء : من يحجبه الله تعالى عن فوائد أوقاته لم يقدر أحد إيصاله اليه أولئك الين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم أى بالمراقبة والمراعاة وقال أو بكر الوراق : طهارة القلب فى شيئين : إخراج الحسد والغش وحسن الظن بجماعة المسلمين أكالون للسحت وهو ما يأكلونه بدينهم فان جاءوك فاحكم بينهم مداويا لدائهم إن رأيت التداوى سببا لشفائهم أو اعرض عنهم إن تيقنت إعواز الشفاء لشقائهم وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط أى داوهم على مايستحقون ويقتضيه دواءهم والكلام فى باقى الآيات ظاهر والله تعالى الموفق .
وكتبنا عطف على أنزلنا التوراة والمعنى قدرنا وفرضنا عليهم أى على الذين هادوا وفى مصحف أبى وأنزلنا على بنى إسرائيل فيها أى فى التوراة والجار متعلق بكتبنا وقيل : بمحذوف وقع حالا أى فرضنا هذه الأمور مبينة فيها وقيل : صفة لمصدر محذوف أى كتبنا كتابة مبينة فيها .
أن النفس بالنفس أى مأخوذة أو مقتولة أو مقتصة بها إذا قتلتها بغير حق ويقدر فى كل مما فى قوله تعالى : والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن مايناسبه كالفقء والجذع والصلم والقلع ومنهم من قدر الكون المطلق وقال : إنه مرادهم أى يستقر أخذها بالعين ونحو ذلك .
وقرأ الكسائى : العين وماعطف عليه بالرفع ووجهه أبو على الفارسى بأن الكلام حينئذ جمل معطوفة على جملة أن النفس بالنفس لكن من حيث المعنى لامن حيث اللفظ فان معنى كتبنا عليهم أن النفس بالنفس فالجملة مندرجة تحت ماكتب على بنى إسرائيل وجعله ابن عطية على هذا القول من العطف على التوهم وهو غير مقيس وقيل : إنه محمول على الاستئناف بمعنى أن الجمل إسمية معطوفة على الجملة الفعلية ويكون هذا ابتداء تشريع وبيان حكم جديد غير مندرج فيما كتب فى التوراة وقيل إنه مندرج فيه أيضا على هذا والتقدير وكذلك العين بالعين الخ لتتوافق القراءتان .
وقال الخطيب : لاعطف والاستئناف بمعناه المتبادر منه والكلام جواب سؤال كأنه قيل : ماحال غير النفس فقال سبحانه : العين بالعين الخ وقيل : إن العين وكذا سائر المرفوعات معطوفة على الضمير المرفوع المستتر فى الجار والمجرور الواقع خبرا والجار والمجرور بعدها حال مبينة للمعنى وضعف هذا بأنه يلزمه العطف على الضمير المرفوع المتصل من غير فصل ولاتأكيد وهو لايجوز عند البصريين إلا ضرورة واجيب بأنه مفصول تقديرا إذ أصله النفس مأخوذة أو مقتصة هى بالنفس إذ الضمير مستتر فى المتعلق المقدم على الجار والمجرور بحسب الأصل وإنما تأخر بعد الحذف وانتقاله إلى الظرف كذا قيل وهو يقتضى