فيما يتلى عليكم السارق والسارقة أى حكمهما وجملة عند المبرد وقرأ عيسى بن عمر بالنصب وفضلها سيبويه على قراءة العامة لأجل الأمر لأن زيدا فأضربه أحسن من زيد فأضربه قال الزمخشرى واتبعه من تبعه ومنهم ابن الحاجب .
وتعقبه العلامة أحمد فى الانتصاف بكلام كله محاسن فلا بأس فى نقله برمته فنقول : قال فيه المستقرأ من وجوه القراآت أن العامة لاتتفق فيها أبدا على العدول عن الأفصح وجدير بالقرآن أن يحرز أفصح الوجوه وأن لايخلو من الأفصح ويشتمل عليه كلام العرب الذى لم يصل أحد منهم إلى ذروة فصاحته ولم يتعلق بأهدابها وسيبويه يحاشى من اعتقاد عراء القرآن عن الأفصح واشتمال الشاذ الذى لاييعد من القرآن عليه ونحن نورد الفصل من كلام سيبويه على هذه الآية ليتضح لسامعه براءة سيبويه من عهدة هذا النقل قال سيبويه فى ترجمة باب الامر والنهى بعد أن ذكر المواضع التى يختار فيها النصب ولخصها : أنه متى بنى الاسم على فعل الأمر فذاك موضع اختيار النصب ثم قال كالموضح لامتياز هذه الآية عما اختار فيه النصب : وأما قوله D : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما وقوله تعالى : الزانية والزانى فاجلدوا فان هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثال قوله D : مثل الجنة التى وعد المتقون ثم قال سبحانه بعد : فيها أنهار منها كذا يريد سيبويه تمييز هذه الآى عن المواضع التى بين اختيار النصب فيها ووجه التمييز أن الكلام حيث يختار النصب يكون الاسم فيه مبنيا على الفعل وأما فى هذه الآى فليس بمبنى عليه فلا يلزم فيه اختيارالنصب ثم قال : وإنما وضع المثل للحديث الذى ذكره بعده فذكر أخبارا وقصصا فكأنه قال : ومن القصص مثل الجنة فهو محمول على هذا الإضمار والله تعالى أعلم وكذلك الزانية والزانى لما قال جل ثناؤه : سورة أنزلناها وفرضناها قال جل وعلا فى جملة الفرائض : الزانية والزانى ثم جاء فاجلدوا بعد أن مضى فيهما الرفع يريد سيبويه لم يكن الاسم مبنيا على الفعل المذكور بعد بل بنى على محذوف متقدم وجاء الفعل طارئا ثم قال : كما جاء وقائلة : خولان فاتكح فتاتهم فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر وكذلك والسارق والسارقة فيما فرض عليكم السارقة والسارقة وإنما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث وقد قرأ أناس السارق والسارقة بالنصب وهو فى العربية على ماذكرت لك من القوة ولكن أبت العامة إلا الرفع يريد إن قراءة النصب جاء الاسم فيها مبنيا على الفعل غير معتمد على متقدم فكان النصب قويا بالنسبة إلى الرفع حيث يبنى الاسم على الفعل لا على متقدم وليس يعنى أنه قوى بالنسبة إلى الرفع حيث يعتمد الاسم على المحذوف المتقدم فانه قد بين أن ذلك يخرجه عن الباب الذى يختار فيه النصب فكيف يفهم عنه ترجيحه عليه والباب مع القرائن مختلف وإنما يقع الترجيح بعد التساوى فى الباب فالنصب أرجح من الرفع حيث يبنى الاسم على الفعل والرفع متعين لاأقول أرجح حيث يبنى الاسم على كلام متقدم وإنما التبس على الزمخشرى كلام سيبويه من حيث اعتقد أنه باب واحد عنده ألا ترى إلى قوله : لأن زيدا فأضربه أحسن من زيد فأاضربه كيف رجح النصب على الرفع حيث يبنى الكلام فى الوجهين على الفعل وقد صرح سيبويه بأن كلام فى الآية مع الرفع مبنى على كلام متقدم ثم حقق هذا المقدار بأن الكلام واقع بعد قصص وأخبار ولو كان كما ظنه الزمخشرى لم يحتج سيبويه إلى تقدير بل كان يرفعه على الابتداء ويجعل الأمر خبره كما أعرب الزمخشرى فالملخص على