ولهم عذاب عظيم قيل : محله النصب على الحالية وقيل : الرفع عطفا على خبر إن وقيل انه معطوف على إن الذين فلا محل له من الاعراب مثله وفائدة الجملة التصريح بالمقصود من الجملة الأولى لزيادة تقريره وبيان هوله وشدته وقيل : إن المقصود بها الايذان بأنه كما لايندفع بذلك عذابهم لايخفف بل لهم بعد عذاب فى كمال الإيلام وكذلك قوله تعالى : يريدون أن يخرجوا من النار فانه لإفادة أنه كما لايندفع بذلك الافتداء عذابهم لايندفع دوامه ولاينفصل وهو على ماتقدم استئناف مسوق لبيان حالهم فى أثناء مكابدة العذاب مبنى على سؤال نشأ مما قبله كأنه : قيل : فكيف يكون حالهم أو ماذا يصنعون فقيل : يريدون الخ وقد بين فى تضاعيفه أن عذابهم عذاب النار والارادة قيل : على معتاها الحقيقى المشهور وذلك أنهم يرفعهم لهب النار فيريدون الخروج وأنى به وروى ذلك عن الحسن وقال الجبائى : الإرادة بعنى التمنى أى يتمنون ذلك .
وقيل : المعنى يكادون يخرجون منها لقوتها وزيادة رفعها إياهم وهذا كقوله تعالى : فوجدوا فيها جدارا يري ان ينقض أى يكاد ويقارب لا يقال : كيف يجوز أن يريدوا الخروج من النار مع علمهم بالخلود لأنا نقول : الهول يومئذ ينسيهم ذلك وعلى تقدير عدم النسيان يقال : العلم بعدم حصول الشىء لايصرف عن إرادته كما أن العلم بالحصول كذلك فان الداعى إلى الإرادة حسن الشىء والحاجة اليه .
وماهم بخارجين منها إما حال من فاعل يريدون أو اعتراض وأياما كان فإيثار الجملة الاسمية على الفعلية مصدرة بما الحجازية الدالة بما فى حيزها من الباء على تأكيد النفى لبيان كمال سوء حالهم باستمرار عدم خروجهم منها فان الجملة الاسمية الإيجابية كما مرت الاشارة اليه كما تفيد بمعونة المقام دوام الثبوت تفيد السلبية أيضا بمعونة دوام النفى لانفى الدوام وقرأ أبو واقد أن يخرجوا بالبناء لما لم يسم فاعله من الإخراج ويشهد لقراءة الجمهور قوله تعالى : بخارجين دون بمخرجين وهذه الآية كما ترى فى حق الكفار فلا تنافى القول بالشفاعة لعصاة المؤمنين فى الخروج منها كما لايخفى على من له أدنى إيمان .
وقد أخرج مسلم وابن النذر وابن مردويه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : يخرج من النار قوم فيدخلون الجنة قال يزيد الفقير : فقلت لجابر : يقول الله تعالى : يريدون أن يخرجوا من النار وماهم بخارجين منها قال : أتل أول الآية إن الذين كفروا لو أن لهم مافى الأرض جميعا ومثله ليفتدوا به ألا إنهم الذين كفروا وأخرج ابن جرير عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس رضى الله تعالى عنهما : تزعم أن قوما يخرجون من النار وقد قال الله تعالى : وماهم بخارجين منها فقال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما : ويحك اقرأ مافوقها هذه للكفار ورواية أنه قال له : ياأعمى البصر أعمى القلب تزعم الخ حكاها الزمخشرى وشنع إثرها على أهل السنة ورماهم بالكذب والافتراء فحقق ماقيل : رمتنى بدائها وانسلت ولسنا مضطرين لتصحيح هذه الرواية ولاوقف الله تعالى صحة العقيدة على صحتها فكم لنا من حديث صحيح شاهد على حقيقة مانقول وبطلان مايقوله المعتزلة تبا لهم ولهم عذاب مقيم .
36 .
- تصريح بما أشير اليه من عدم تناهى مدة العذاب بعد بيان شدته أى عذاب دائم ثابت لايزول ولاينتقل أبدا والسارق والسارقة فأقطعوا أيديهما شروع فى بيان حكم السرقة الصغرى بعد بيان أحكام الكبرى وقد تقدم بيان اقتضاء الحال لإيراد ماتوسط بينهما من المقال والكلام جملتان عند سيبويه إذ التقدير