ومن رأى رأيه وأمر توحيد الضمير حينئذ ظاهر إذ حكم الضمير بعد المفعول معه الإفراد وأجاز الأخفش أن يعطى حكم المتعاطفين فيثنى الضمير وقال بعض النحاة : الصحيح جوازه على قلة واعترض هذا الوجه أبو حيان بأنه يصير التقدير مع مثله معه وإذا كان مافى الأرض مع مثله كان مثله معه ضرورة فلا فائدة فى ذكر معه معه لملازمة معية كل منهما للآخر وأجاب الطيبى بأن معه على هذا التأكيد وقال السفاقسى : جوابه أن التقدير ليس كالتصريح و الواو متضمنة معنى مع وإنما يقبح لو صرح بمع وكثيرا مايكون التقدير بخلاف التصريح كقولهم : رب شاة وسخلتها ولو صرحت برب فقلت : ورب سخلتها لم يجز وأجاب الحلبى بأن الضمير فى معه عائد على مثله ويصير المعنى مع مثلين وهو أبلغ من أن يكون مع مثل واحد نعم أن كون العامل ثبت ليس بصحيح لأن العامل فى المفعول معه هو العامل فى المصاحب له كما صرحوا به وهو هنا ما أو ضميرها وشى ء منهما ليس عاملا فيه ثبت المقدر وأما صحته على تقدير جعلهم أو متعلقة على ماقيل فممتنع أيضا على مانقل عن سيبويه أنه قال : وأما هذا لك وأباك فقبيح لأنه لم يذكر فعل ولاحرف فيه معنى فعل حتى يصير كأنه قد تكلم بالفعل فان فيه تصريحا بأن اسم الإشارة وحرف الجر والظرف لاتعمل فى المفعول معه وقوله تعالى : من عذاب يوم القيامة متعلق بالافتداء أيضا أى لو أن مافى الأرض ومثله لهم ليجعلوه فدية لأنفسهم من العذاب الواقع ذلك اليوم .
ماتقبل منهم ذلك وهو جواب لو وترتيبه كما قال شيخ الاسلام على ذلك لهم لأجل افتدائهم به من غير ذكر الافتداء بأن يقال : وافتدوا به مع أن الرد والقبول إنما يترتب عليه لاعلى مباديه للايذان بأنه أمر محقق الوقوع غنى عن الذكر وإنما المحتاج إلى الفرض قدرتهم على ماذكر أو للمبالغة فى تحقق الرد وتخييل أنه وقع قبل الافتداء على منهاج مافى قوله تعالى : أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده حيث لم يقل فأتى به فلما رآه الخ ومافى قوله سبحانه : وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه من غير ذكر خروجه عليه السلام عليهن ورؤيتهن له وقال بعض الأفاضل : إنما لم يكتف بقوله : إن الذين كفروا لو يفتدون بما فى الأرض جميعا من عذاب يوم القيامة ماتقبل منهم لان مافى النظم الكريم يفيد أنهم لو حصلوا ما فى الارض ومثله معه لهذه الفائدة وكانوا خائفين من الله تعالى وحفظوا الفدية وتفكروا فىالافتداء ورعاية أسبابه كما هو شأن من هو بصدد أمر ماتقبل منهم فضلا عن أن يكونوا غافلين عن تحصيل الفدية وقصدوا الفدية فجأة ولهذا لم يقل لو أن لهم مافى الارض ج ميعا ومثله معه ويفتدون به ماتقبل الخ والجملة الامتناعية بحالها خبر : إن الذين كفروا وهى كناية عن لزوم العذاب لهم وأنه لاسبيل لهم إلى الخلاص منه فان لزوم العذاب من لوازمه أن مافى الارض جميعا ومثله معه لوافتدوا به لم يتقبل منهم فلما كانت هذه الجملة بل هذه الملازمة لازمة للزوم العذاب عبر عنها بها وأطلق بعضهم على هذه الجملة تمثيلا ولعل مراده على ماذكره القطب ماذكره وقال بعض المحققين : لايريد به الاستعارة التمثيلية بل إيراد مثال وحكم يفهم منه لزوم العذاب لهم أى لم يقصد بهذا الكلام إثبات هذه الشرطية بل انتقال الذهن منه إلى هذا المعنى وبهذا الاعتبار يقال له : كناية ويمكن تنزيله على التمثيل الاصطلاحى بأن يقال : إن حالهم فى حال التفصى عن العذاب بمنزلة حال من يكون له ذلك الأمر الجسيم ويحاول به التخلص من العذاب فلا يتقبل منه ولايتخلص