بهم بأن يقال : اللهم إنا نقسم عليك بفلان أن تعطينا كذا ومنهم من يقول للغائب أو الميت من عباد الله تعالى الصالحين : يافلان إدع الله تعالى ليرزقنى كذا وكذا ويزعمون أن ذلك من باب ابتغاء الوسيلة ويروون عن النبى صلى الله عليه وسلّم أنه قال اذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور أو فاستغيثوا بأهل القبور وكل ذلك بعيد عن الحق بمراحل .
وتحقيق الكلام فى هذا المقام أن الأستغاثة بمخلوق وجعله وسيلة بمعنى طلب الدعاء منه لاشك فى جوازه إن كان المطلوب منه حيا ولايتوقف على لأفضليته من الطالب بل قد يطلب الفاضل من المفضول فقد صح أنه A قال لعمر رضى الله تعالى عنه لما استأذنه فى العمرة : لاتنسنا ياأخى من دعائك وأمره أيضا أن يطلب من أويس القرنى رحمة الله تعالى عليه أن يستغفر له وأمره أمته A بطلب الوسيلة له كما مر آنفا وبأن يصلوا عليه وأما إذا كان المطلوب منه ميتا أو غائبا فلا يستريب عالم أنه غير جائز وأنه من البدع التى لم يفعلها أحد من السلف نعم السلام على أهل القبور مشروع ومخاطبتهم جائزة فقد صح أنه A كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء تعالى بكم لاحقون يرحم الله تعالى المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله تعالى لنا ولكم العافية اللهم لاتحرمنا أجرهم ولاتفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ولم يرد عن أحد من الصحابة رضى الله تعالى عنهم وهم أحرص الخلق كل على خير أنه طلب من ميت شيئا بل قد صح عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أنه كان يقول إذ دخل الحجرة النبوية زائرا : السلام عليك يا رسول الله السلام عليك ياأبكر السلام عليك ياأبت ثم ينصرف ولايزيد على ذلك ولايطلب من سيد العالمين A أو من ضجيعيه المكرمين رضى الله تعالى عنهما شيئا وهم أكرم من ضمتهم البسيطة وأرفع قدرا من سائر من أحاطت به الافلاك المحيطة نعم الدعاء فى هاتيك الحضرة المكرمة والروضة المعظمة أمر مشروع فقد كانت الصحابة تدعوا الله تعالى هناك مستقبلين القبلة ولم يرد عنهم استقبال القبر الشريف عند الدعاء مع أنه أفضل من العرش واختلف الأئمة فى استقباله عند السلام فعن أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه أنه لايستقبل بل يستدير ويستقبل القبلة وقال بعضهم : يستقبل وقت السلام وتستقبل القبلة ويستدبر وقت الدعاء والصحيح المعول عليه أنه يستقبل وقت السلام وعند الدعاء تستقبل القبلة ويجعل القبر المكرم عن اليمين أو اليسار فاذا كان هذا المشروع فى زيارة سيد الخليقة وعلة الإيجاد على الحقيقة A فماذا تبلغ زيارة غيره بالنسبة إلى زيارته E ليزداد فيها مايزداد أو يطلب من المزور بها ماليس من وظيفة العباد ! وأما القسم على الله تعالى بأحد من خلقه مثل أن يقال : اللهم انى أقسم عليك أو أسالك بفلان إلا ماقضيت لى حاجتى فعن ابن عبد السلام جواز ذلك فى النبى A لأنه سيد ولد آدم ولايجوز أن يقسم على الله تعالى بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا فى درجته وقد نقل ذلك عنه المناوى فى شرحه الكبير للجامع الصغير ودليله فى ذلك مارواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح عن عثمان بن حنيف رضى الله تعالى عنه أن رجلا ضرير البصر أتى النبى A فقال : ادع الله تعالى أن يعافينى فقال : إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك قال فادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويدعو بهذا الدعاء اللهم إنى أسلك وأتوجه بنبيك A نبى الرحمة يارسول الله