لايكفى فى النصب سببية النفى بل لابد من سببية المنفى قبل دخول النفى ألا ترى أن ما تأتينا فتحدثنا مفسر عندهم بأنه لايكون منك إتيان فتحديث قال الشهاب : والجواب عنه أنه فرق بين مانصب فى جواب النفى وما نصب فى جواب الاستفهام والكلام فى الثانى فكيف يرد الأول نقضا ولوجعل فى جواب النفى لم يرد ماذكره أيضا لأنه لاحاجة إلى أخذ النفى من الاستفهام الانكارى مع وضوح تأويل عجزت بلم اهتد وقد قال فى التسهيل : إنه ينتصب فى جواب النفى الصريح والمؤو ل ومانحن فيه من الثانى حكمه فتأمل انتهى .
ولعل الأمر بالتأمل الاشارة إن مافى دعوى الفرق بين الاستفهام الانكارى الذى هو بمعنى النفى والنفى من الحفاء وكذا فى تأويل عجزت بلم أهتد هنا فليفهم وقرىء أعجزت بكسر الجيم وهو لغة شاذة فى عجز وقرىء فأوارى بالسكون على أنه مستأنف وهم يقدرون المبتدأ لايضاح القطع عن العطف أو معطوف إلا أنه سكن للتخفيف كما قاله غير واحد واعترضه فى البحر بأن الفتحة لاتستثقل حتى تحذف تخفيفا وتسكين المنصوب عند النحويين ليس بلغة كما زعم ابن عطية وليس بجائز إلا فى الضرورة فلاتحمل القراءة عليها مع وجود محمل الاستئناف لها انتهى وعلى دعوى الضرورة منع ظاهر فان تسكين المنصوب فى كلامهم كثير وادعى المبرد أن ذلك من الضرورات الحسنة التى يجوز مثلها فى النثر فأصبح من النادمين .
31 .
- أى صار معدوما من عدادهم وكان ندمه على قتله فيه من التحير فى أمره وحمله على رقبته أربعين يوما أو سنة أو أكثر على ماقيل وتلمذة الغراب فانها إهانة ولذا لم يلهم من أول الأمر ما ألهم واسوداد وجهه وتبرىء أبويه منه لا على الذنب إذ هو توبة من أجل ذلك اى ماذكر فى تضاعيف القصة و من ابتدائية متعلقة بقوله تعالى : كتبنا أى قضينا وقيل : بالنادمين وهو ظاهر ماروى عن نافع و كتبنا استئناف واستبعده أبو البقاء وغيره .
و الأجل بفتح الهمزة وقد تكسر وقرىء به لكن بنقل الكسرة إلى نون كما قرىء بنقل الفتحة اليها فى الأصل الجناية يقال : أجل عليهم شرا إذا جنى عليهم جناية وفى معناه جر عليهم جريرة ثم استعمل فى تعليل الجنايات ثم اتسع فيه فاستعمل لكل سبب أى من ذلك ابتداء الكتب ومنه نشأ لامن غيره .
على بنى إسرائيل وتخصيهم بالذكر لما أن الحسد كان منشأ ذلك الفساد وهو غالب عليهم .
وقيل إنما ذكروا دون الناس لأن التوراة أول كتاب نزل فيه تعظيم القتل ومع ذلك كانوا أشد طغيانا فيه وتماديا حتى قتلوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكأنه قيل : بسبب هذه العظيمة كتبنا فى التوراة تعظيم القتل وشددنا عليهم وهم بعد ذلك لايبالون .
ومن هنا تعلم أن هذه الآية لاتصلح كما الحسن والجبائى وأبو مسلم على أن ابنى آدم عليه السلام كانا من بنى إسرائيل على أن بعثة الغراب الظاهر فى التعليم المستغنى عنه فى وقتهم لعدم جهلهم فيه بالدفن تأبى ذلك أنه أى الشأن من قتل نفسا واحدة من النفوس الانسانبة بغير نفس أى بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص والباء للمقابلة متعلقة بقتل وجوز أن تتعلق بمحذوف وقع حالا أى متعديا ظالما أو فساد فى الأرض أى فساد فيها يوجب هدر الدم كالشرك مثلا وهو عطف على ماأضيف اليه