غير والنفى هنا وارد على الترديد لأن إباحة القتل مشروطة بأحد ماذكر من القتل والفساد ومن ضرورته اشتراط حرمته بانتفائهما معا فكأنه قيل : من قتل نفسا بغير أحدهما فكأنما قتل الناس جميعا لاشتراك الفعلين فى هتك حرمة الدماء والاستعصاء على الله تعالى والتجبر على القتل فى استتباع القود واستجلاب غضب الله تعالى العظيم .
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود إن هذا التشبيه عند المقتول كما أن التشبيه عند المقتول كما أن التشبيه الآتى عند المستنقذ والأول أولى أنسب للغرض المسوق له التشبيه وقرىء أو فسادا بالنصب بتقدير أو عمل فسادا أو فسد فسادا ومن أحياها أى تسبب لبقاء نفس واحدة موصوفة بعدم ماذكر من القتل والفساد إما بنهى قاتلها عن قتلها أو استنقاذها من سائر أسباب الهلكة بوجه من الوجوه فكأنما أحيا الناس جميعا وقيل : المراد وعن من أعان على استيفاء القصاص فكأنما الخ وما فى الموضعين كافة مهيئة لوقوع الفعل بعدها و جميعا حال من الناس أو تأكيد وفائدة التشبيه الترهيب والردع عن قتل نفس واحدة بتصويره بصورة قتل جميع الناس والترغيب والتحضيض على إحيائها بتصويره بصورة إحياء جميع الناس ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات أى الآيات الواضحة الناطقة بتقرير ماكتبنا عليهم تأكيدا لوجوب مراعاته وتأييدا لتحتم المحافظة عليه .
والجملة مستقلة غير معطوفة على كتبنا وأكدت بالقسم لكمال العناية بمضمونها وإنما لم يقل ولقد أرسلنا اليهم الخ للتصريح بوصول الرسالة اليهم فانه أدل على تناهيهم فى العتو والمكابرة .
ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك المذكور من الكتب وتأكيدا الأمر بالارسال ووضع اسم الاشارة موضع الضمير للايذان بكمال تميزه وانتظامه بسبب ذلك فى سلك الأمور المشاهدة ومافيه من معنى البعد للايماء إلى علو درجته وبعد منزلته فى عظم الشأن و ثم للتراخى فى الرتبة والاستبعاد فى الأرض متعلق بقوله تعالى : لمسرفون وكذا بعد فيما ولاتمنع اللام المزحلقة من ذلك والاسراف فى كل أمر التباعد عن حد الاعتدال مع عدم مبالاة به والمراد مسرفون فى القتل غير مبالين به ولما كان إسرافهم فى أمر القتل مستلزما لتفريطهم فى شأن الإحياء وجودا وعدما وكان هو أقبح الأمرين وأفظعهما اكتفى فى ذكره فى مقام التشنيع المسوق له الآى وعن الكلبى أن المراد مجاوزون حد الحق بالشرك وقيل : إن المراد ماهو أعم من الاسراف بالقتل والشرك وغيرهما وإنما قال سبحانه : وإن كثيرا منهم لأنه عز شأنه على مافى الخازن علم أن منهم من يؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم وهم قليل من كثير وذكر الأرض مع أن الاسراف لايكون إلا فيها للايذان بأن اسراف ذلك الكثير ليس أمرا مخصوصا بهم بل انتشر شره فى الأرض وسرى إلى غيرهم ولما بين سبحانه عظم شأن القتل حق استأنف بيان حكم نوع من أنواع القتل ومايتعلق به من الفساد بأخذ المال ونظائره وتعيين موجبه وأدرج فيه بيان ماأشير اليه إجمالا من الفساد المبيح للقتل فقال جل شأنه إنما جزاؤا الذين يحاربون الله ورسوله ذهب أكثر المفسرين كما قال الطبرسى وعليه جملة الفقهاء إلى أنها نزلت فى قطاع الطريق والكلام كما قال الجصاص على حذف مضاف أى يحاربون أولياء الله تعالى ورسوله E فهو كقوله تعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله