برأسه حتى ألقاه فى الحفرة ثم بحث عليه برجله حتى واراه وقيل : أحد الغرابين كان ميتا .
والغراب : طائر معروف قيل : والحكمة فى كونه المبعوث دون غيره من الحيوان كونه يتشاءم به فى الفراق والاغتراب وذلك مناسب لهذه القصة وقال بعضهم : كان ملكا ظهر فى صورة غراب والمستكن فى يريه لله تعالى أو للغراب واللام على الأول متعلقة يبعث حتما وعلى الثانى يبحث ويجوز تعلقها ببعث أيضا و كيف حال من الضمير فى يوارى قدم عليه لأن له الصدر وجملة كيف يوارى فى محل نصب مفعول ثان ليرى البصرية المتعدية بالهمزة لاثنين وهى معلقة عن الثانى وقيل : إن يريه بمعنى يعلمه إذ لو جعل بمعنى الإبصار لم يكن لجملة كيف يوارى موقع حسن وتكون الجملة فى موقع مفعولين له وفيه نظر البحث فى الأصل التفتيش عن الشىء مطلقا أو فى التراب والمراد به هنا الحفر والمراد بالسوأة جسد الميت وقيده الجبائى بالمتغير وقيل : العورة لأنها تسوء ناظرها وخصت بالذكر مع أن المراد مواراة جميع الجسد للاهتمام بها لأن سترها آكد والأول أولى ووجه التسمية مشترك وضمير أخيه عائد على المبحوث عنه لا على الباحث كما توهم وبعثة الغراب كانت من باب الإلهام إن كان المراد منه المتبادر وبعثة حقيقة إن كان المراد منه ملكا ظهر على صورته وعلى التقديرين ذهب أكثر العلماء إلى أن الباحث وارى جثته وتعلم قابيل ففعل مثل ذلك بأخيه وروى ذلك عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه وابن مسعود وغيرهما الاصم إلى أن الله تعالى بعث من بعثه فبحث فى الارض وورارى هابيل فلما رأى قابيل ما أكرم الله تعالى به أخاه قال ياويلتا كلمة جزع وتحسر والويلة كالويل الهلكة كأن المتحسر ينادى هلاكه وموته ويطلب حضوره بعد تنزيله منزلة من ينادى ولايكون طلب الموت إلا ممن كان فى حال أشد منه والألف بد ل من ياء المتكلم أى ياويلتى وبذلك قرأ الحسن احضرى فهذا أوانك أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب تعجب من عجزه عن كونه مثله لأنه لم يهتد إلى مااهتدى اليه مع كونه أشرف منه فأوارى سوءة أخى عطف على اكون وجعله فى الكشاف منصوبا فى جواب الاستفهام واعترضه كثير من المعربين وقال أبو حيان : إنه خطأ فاحش لأن شرط هذا النصب ينعقد من الجملة الاستفهامية والجواب جملة شرطية نحو أتزورنى فأكرمك فان تقديره إن تزورنى أكرمك ولو قيل ههنا : إن أعجز أن أكون مثل هذا الغراب أوارى سوأة أخى لم يصح المعنى لأن المواراة تترتب على عدم العجز لاعليه وأجاب فى الكشف بأن الاستفهام للانكار التوبيخى ومن باب أتعصى ربك فيعفو عنك بالنصب لينسحب الانكار على الأمرين وفيه تنبيه على أنه فى العصيان وتوقع العفو مرتكب خلاف المعقول فاذا رفع كان كلاما ظاهريا فى انسحاب الإنكار وإذا نصب جاءت المبالغة للنعكيس حيث جعل سبب العقوبة سبب العفو وفيما نحن فيه نعى على نفسه عجزها فنزلها منزلة من جعل العجز سبب المواراة دلالة على التعكيس المؤكد للعجز والقصور عما يتهدى اليه غراب ثم قال : فان قلت : الانكار التوبيخى إنما يكون على واقع أو متوقع فالتوبيخ على العصيان والعجز له وجه أما على العفو والموارة فلا قلت : التوبيخ على جعل كل واحد سببا أو تنزيله منزلة من جعله سببا لاعلى العفو والموارة فافهم انتهى ولعل الأمر بالفهم إشارة إلى مافيه من البعد وقيل : فى توجيه ذلك أن الاستفهام للانكار وهو بمعنى النفى وهو سبب والمعنى إن لم أعجز واريت واعترض بأنه غير صحيح لأنه