معصية وضمير عليهم يعود على بنى اسرائيل كما هو الظاهر إذ هم المحدث عنهم أولا وأمر صلى الله عليه وسلّم بتلاوة ذلك عليهم إعلاما لهم بماهو فى غامض كتبهم الأول الذي لاتعلق للرسول E بها إلا من جهة الوحى لتقوم الحجة بذلك عليهم وقيل : الضمير عائد على هذه الأمة أى اتل يا محمد على قومك نبأ ابنى آدم هابيل عليه الرحمة وقابيل عليه مايستحقه وكانا باجماع غالب المفسرين ابنى آدم عليه السلام لصلبه .
وقال الحسن : كانا رجلين من بنى إسرائيل ويد الله تعالى مع الجماعة وكان من قصتهما ماأخرجه ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة رضى الله تعالى عنه أجمعين أنه كان لايولد لآدم عليه السلام مولود إلا ولد معه جارية فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآحر ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر جعل افتراق البطون بمنزلة افتراق النسب للضرورة إذ ذاك حتى ولد له ابنان يقال لهما هابيل وقابيل وكان قابيل صاحب زرع وهابيل صاحب ضرع وكان قبيل أكبرهما وكانت له أخت واسمها اقليما أحسن من أخت هابيل وأن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل فأبى عليه وقال : هى أختى ولدت معى وهى أحسن من أختك وانا أحق أن أتزوج بها فأمره أبوه أن يزوجها هابيل فأبى فقال لهما : قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها وإنما أمر بذلك لعلمه أنه لايقبل من قابيل لا أنه لو قبل جاز ثم غاب عليه السرم عنهما آتيا مكة ينظر اليها فقال آدم للسماء : احفظى ولدى بالأمانة فأبت وقال للارض : فأبت وقال للجبال : فأبت فقال لقابيل : فقال نعم تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك فلما انطلق آدم عليه السلام قربا قربانا فقرب هابيل جذعة وقيل : كبشا وقرب قابيل حزمة سنبل فوجد فيها سنبلة عظيمة ففركها وأكلها فنزلت النار فأكلت قربان هابيل وكان ذلك علامة القبول وكان أكل القربان غير جائز فى الشرع القديم وتركت قربان قابيل فغضب وقال : لأقتلنك فأجابه بما قص الله تعالى بالحق متعلق بمحذوف وقع صفة لمصدر اتل أى اتل تلاوة متلبسة بالحق والصحة أو حال من فاعل اتل أو من مفعوله متلبسا أنت أو نبأهما بالحق والصدق موافقا لما فى زبر الاولين وقوله تعالى : إذ قربا قربانا ظرف لنبأ وعمل فيه لأنه مصدر فى الأصل والظرف يكفى فيه رائحة الفعل وجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا منه ورد بأنه حينئذ يكون قيدا فى عامله وهو اتل المستقبل و إذ لما مضى فلا يتلاقيان ولذا يتعلق به مع ظهوره وقد يجاب بالفرق بين الوجهين فتأمل .
وقيل : إنه بدل من نبأ على حذف المضاف ليصح كونه متلوا أى اتل عليهم نبأهما نبأ ذلك الوقت ورده فى البحر بأن إذ لايضاف اليها إلا الزمان نحو يومئذ وحينئذ ونبأ ليس بزمان وأجيب بالمنع ولافرق بين نبأ ذلك الوقت ونبأ إذ وكل منهما صحيح معنى وإعرابا ودعوى جواز الأول سماعا دون الثانى دون إثباتها خرط القتاد والقربان اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى من ذبيحة أو غيرها كالحلوان اسم لما يحلى أى يعطى وتوحيده لما أنه فى الأصل مصدر وقبل : تقديره إذ قرب كل منهما قربانا فتقبل من أحدهما وهو هابيل ولم يتقبل من الآخر لأنه سخط حكم الله تعالى وهو عدم جواز نكاح التوأمة قال استئناف سؤال نشأ من الكلام السابق كأنه قيل : فماذا قال من لم يتقبل قربانه فقيل : قال لاخيه لفرط الحسد على قبول قربانه ورفعة شأنه عند ربه D كما يدل عليه الكلام الآتى وقيل : على ما سيقع من أخذ أخته الحسناء