والدعاء به على ماقبله وقرىء فافرق بكسر الراء وبين القوم الفاسقين .
25 .
- أى الخارجين عن طاعتك بأن تحكم لنا بما نستحقه وعليهم بما يستحقونه كما هو المروى عن ابن عباس والضحاك رضى الله تعالى عنهم وقال الجبائى : سأل عليه السلام ربه أن يفرق بالتبعيد فى الآخرة بان يجعله وأخاه فى الجنة ويجعلهم فى النار وإلى الأول ذهب أكثر المفسرين ويرجحه تعقيب الدعا بقواه تعالى : قال فإنها فان الفاء فيه لترتيب مابعدها على ماقبلها من الدعاء فكان ذلك إثر الدعاء ونوع من المدعو به وقد أخرج ابن جرير عن السدى قال : إن موسى عليه السلام غضب حين قال له القوم ماقالوا فدعا وكان ذلك عجلة منه عليه السلام عجلها فلما ضرب عليهم التيه ندم فأوحى الله تعالى فلا تأس على الفاسقين والضمير المنصوب عالئد إلى الأرض المقدسة أى فانها لدعائك محرمة عليهم لايدخلونها ولايملكونها والتحريم تحريم منع لاتحريم تعبد ومثله قول امرىء القيس يصف فرسه : جالت لتصر عنى فقلت لها اقصرى .
إنى امرؤ صرعى عليك حرام يريد إنى فارس لايمكنك أن تصرعينى وجوز أبو على الجبائى واليه يشير كلام البلخى أن يكون تحريم تعبد والأول أظهر أربعين سنة متعلق بمحرمة فيكون التحريم مؤقتا لامؤبدا فلايكون مخالفا لظاهر قوله تعالى : كتب الله عليكم والمراد بتحريمها عليهم أنه لايدخلها أحد منهم هذه المدة لكن لا بمعنى إن كلهم يدخلونها بعدها بل بعضهم ممن بقى حسبما روى أن موسى عليه السلام سار بمن بقى من بنى إسرائيل إلى الأرض المقدسة وكان يوشع بن نون على مقدمته ففتحها وأقام بها ماشاء الله تعالى ثم قبض عليه السلام وروى ذلك عن الحسن ومجاهد وقيل : لم يدخلها أحد ممن قال : لن ندخلها أبدا وإنما دخلها مع موسى عليه السلام النواشىء من ذرياتهم وعليه فالمؤقت بالأربعين فى الحقيقة تحريمها على ذرياتهم وإنما جعل تحريما عليهم لمابينهما من العلاقة التامة وقوله تعالى : يتيهون فى الأرض استئناف لبيان كيفية حرمانهم وقيل : حال من ضمير عليهم والتيه : الحيرة ويقال : تاه يتيه ويتوه وهو أتوه وأتيه فهو مما تداخل فيه الواو والياء والمعنى يسيرون متحيرين وحيرتهم عدم اهتدائهم للطريق .
وقيل : الظرف متعلق ب يتيهون وروى ذلك عن قتادة فيكون التيه مؤقتا والتحريم مطلقا يحتمل التأييد وعدمه وكان مسافة الأرض التى تاهوا فيها ثلاثين سنة فرسخا فى عرض تسعة فراسخ كما قال مقاتل وقيل : اثنى عشر فرسخا فى عرض ستة فراسخ وقيل : ستة فى عرض تسعة وقيل : كان طولها ثلاثين ميلا فى عرض ستة فراسخ وهى مابين مصر والشام وذكر أنهم كانوا ستمائة ألف مقاتل وكانوا يسيرون فيصبحون حيث يمسون ويمسون حيث يصحبون كما قاله الحسن ومجاهد قيل وحكمة ابتلائهم بالتيه أنهم لما قالوا : إنا ههنا قاعدون عوقبوا بما يشبه القعود وكان أربعين سنة لأنها غاية زمن يرعوى فيه الجاهل .
وقيل : لأنهم عبدوا العجل أربعين يوما فجعل عقاب كل يوم سنة فى التيه وليس بشىء وكان ذلك من خوارق العادات إذ التحير فى مثل تلك المسافة على عقلاء كثيرين هذه المدة الطويلة مما تحيله العادة ولعل ذلك كان يمحو العلامات التى يستدل بها أو ألقى شبه بعضها على بعض .
وقال أبو على الجبائى : إنه كان بتحول الأرض التى هم عليها وقت نومهم ويغنى الله تعالى عن قبوله