على القول الأول وتصريحا بمخالفتهم له عليه السلام ياموسى انا لن ندخلها أى أرض الجبابرة فضلا عن الدخول عليهم وهم فى بلدهم أبدا أى دهرا طويلا أو فيما يستقبل من الزمان كله مادامو فيها أى فى تلك الأرض وهو بدل من أبدا بدل البعض وقيل : بدل الكل من من الكل أو عطف بيان لوقوعه بين النكرتين ومثله فى الابدال قوله : وأكرم أخاك الدهر مادمتما معا كفى بلممات فرقة وتنائيا فان قوله : مادمتما بدل من الدهر فاذهب أى إذا كان الأمر كذلك فاذهب أنت وربك فقاتلا أى فقاتلاهم وأخرجاهم حتى ندخل الأرض وقالوا ذلك استهانة واستهزاءا به سبحانه وبرسوله E وعدم المبالاة وقصدوا ذهابهما حقيقة كما ينبىء عنه غاية جهلهم وقسوة قلوبهم والمقابلة بقوله تعالى : إنا ههنا قاعدون .
24 .
- وقيل : أرادوا إرادتهما وقصدهما كما نقول : كلمته فذهب يجيبنى كأنهم قالوا : فأريد قتالهم واقصداهم وقال البلخى : المراد فاذهب أنت وربك يعينك فالواو للحال و أنت مبتدأ حذف خبره وهو خلاف الظاهر ولايساعده فقاتلا ولم يذكروا أخاه هرون عليهما السلام ولاالرجلين اللذين قالا كأنهم لم يجزموا بذهابهم أو لم يعبأوا بقتالهم وأرادوا بالقعود عدم التقدم لاعدم التأحر أيضا قال موسى عليه السلام لما رأى منهم مارأى من العناد على طريق البث والحزن والشكوى إلى الله تعالى مع رقة القلب التى بمثلها تستجلب الرحمة وتستنزل النصرة فليس القصد إلى الإخبار وكذا كل خبر يخاطب به علام الغيوب يقصد به معنى سوى إفادة الحكم أو لازمه فليس قوله ردا لما أمر الله تعالى به ولااعتذارا عن عدم الدخول رب إنى لاأملك إلا نفسى وأخى هرون عليه السلام وهو عطف على نفسى أى لايجيبنى إلى طاعتك ويوافقنى على تنفيذ أمرك سوى نفسى وأخى ولم يذكر الرجلين اللذين أنعم الله تعالى عليهما وإن كانا يوافقانه إذا دعا لما رأى من تلون القوم وتقلب آرائهم فكأنه يثق بهما ولم يعتمد عليهما .
وقيل : ليس القصد إلى القصر بل إلى بيان قلة من يوافقه تشبيها لحاله بحال من لايملك إلا نفسه وأخاه وجوز أن يراد بأخى من يؤاخينى فىالدين فيدخلان فيه ولايتم إلا بالتأويل بكل مؤاخ له فى الدين أو بجنس الأخ وفيه بعد ويجوز فى أخى وجوها أخر من الاعراب : الأول أنه منصوب بالعطف على اسم إن الثانى أنه مرفوع بالعطف على فاعل أملك للفصل الثالث أنه مبتدأ خبره محذوف الرابع أنه معطوف على محل اسم إن البعيد لأنه بعد استكمال الخبر والجمهور علىى جوازه حينئذ الخامس أنه مجرور بالعطف على الضمير المجرور على رأى الكوفيين ثم لايلزم على بعض الوجوه الاتحاد فى المفعول بل يقدر للمعطوف مفعول آخر أى وأخى إلا نفسه فلا يرد ما قيل : إنه يلزم من عطفه على اسم إن أو فاعل أملك أن موسى وهرون علهيما السلام لايملكان إلا نفس موسى عليه السلام فقط وليس المعنى على ذلك كما لايخفى وليس من عطف الجمل بتقدير ولايملك أخى إلا نفسه كما توهم وتحقيقه أن العطف على معمول الفعل لابقتضى إلا المشاركة فى مدلول ذلك ومفهومه الكلى لا الشخصى المعين بمتعلقاته المخصوصة فان ذلك إلى القرائن فافرق بيننا يريد نفسه وأخاه عليهما الصلاة السلام والفاء لترتيب الفرق