فان يخرجوا منها بسبب من الاسباب التى لاتعلق لنا بها فانا داخلون .
22 .
- فيها فيها حينئذ وأتوا بهذه الشرطية مع كون مضمونها مفهوما مما تقدم تصريحا بالمقصود وتنصيصا على أن امتناعهم من دخولها ليس إلا لمكانهم فيها وأتوا فى الجزاء بالجملة الاسمية المصدرة بإن دلالة على تقرر الدخول وثباته عند تحقيق الشرط لامحالة وإظهارا لكمال الرغبة فيه وفى الامتثال بلأمر قال رجلان من الذين يخافون أى يخافون الله تعالى وبه قرىء والمراد رجلان من المتقين وهما كما روى ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ومجاهد والسدى والربيع يوشع بن نون وكالب بن يوقنا وفى وصفهم بذلك تعريض بأن من عداهما من القوم لايخافونه تعالى بل يخافون العدو وقيل : المراد بالرجلين ماذكر و من الذين يخافون بنو إسرائيل والمراد يخافون العدو ومعنى كون الرجلين منهم أنهما منهم فى النسب لافى الخوف وقيل : فى الخوف أيضا والمراد أنهما لم يمنعهما الخوف عن قول الحق وأخرج ابن المنذر عن ابن جبير أن الرجلين كانا من الجبابرة أسلما وصارا إلى موسى عليه السلام فعلى هذا يكون الذين عبارة عن الجبابرة والواو ضمير بنى إسرائيل وعائد الموصول محذوف أى يخافونهم وقرأ ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير يخافون بضم الياء وجعلها الزمخشرى شاهدة على أن الرجلين من الجبارين كأنه قيل : من المخوفين أى يخافهم بنو إسرائيل وفيها احتمالان آخران : الأول أن يكون من الإخافة ومعناه من الذين يخوفون من الله تعالى بالتذكير والموعظة أو يخوفهم وعيد الله تعالى بالعقاب والثانى أن معنى يخافون يهابون ويوقنون ويرجع اليهم لفضلهم وخيرهم ومع هذين الاحتمالين لاترجيح فى هذه القراءة لكونهما من الجبارين وترجيح ذلك بقوله تعالى : أنعم الله عليهما أى بالايمان والتثبيت غير ظاهر أيضا لانه صفة مشتركة بين يوشع وكالب وغيرهما وكونه إنما يليق أن يقال لمن أسلم من الكفار لا لمن هو مؤمن فى حيز المنع والجملة صفة ثانية لرجلين أو اعتراض وقيل : حال بتقدير قد من ضمير يخافون أو من رجلان لتخصيصه بالصفة أو من الضمير المستتر فى الجار والمجرور أى قالا مخاطبين لهم ومشجعين أدخلوا عليهم الباب أى باب مدينتهم وتقديم عليهم عليه للاهتمام به لأن المقصود إنما هو دخول الباب وهم فى بلدهم أى فاجئوهم وضاغطوهم فى المضيق ولاتمهلوهم ليصحروا ويجدوا للحرب مجالا فاذا دخلتموه عليهم من الباب فإنكم غالبون من غير حاجة القتال فنا قد رأيناهم وشاهدناهم أن قلوبهم ضعيفة وإن كانت أجسامهم عظيمة فلا تخشوهم واهجموا عليهم فى المضايق فانهم لايقدرون على الكر والفر وقيل : إنما حكما بالغلبة لما علماها من جهة موسى عليه السلام وقوله : التى كتب الله لكم وقيل : من جهة غلبة الظن وما تبينا من عادة الله تعالى فى نصرة رسله وماعهدا من صنع الله تعالى لموسى عليه السلام فى قهر أعدائه قيل : والأول أنسب بتعليق الغلبة بالدخول وعلى الله تعالى خاصة فتوكلوا بعد ترتيب الأسباب ولاتعتمدوا عليها فانه لاتؤثر من دون إذنه إن كنتم مؤمنين .
23 .
- بالله تعالى والمراد بهذا الالهاب والتهييج وإلا فإيمانهم محقق وقد يراد بالإيمان التصديق بالله تعالى وما يتبعه من التصديق بما وعده أى إن كنتم مؤمنين به تعالى مصدقين لوعده فان ذلك مما يوجب التوكل عليه حتما قالوا غير مبالين بهما وبمقالتهما مخاطبين لموسى عليه السلام إظهارا لاصرارهم