العبارة فليكن ذلك من باب الإشارة والجار والمجرور متعلق بجاء و من لابتداء الغاية مجازا أو متعلق بمحذوف وقع حالا من نور وتقديم ذلك على الفاعل للمسارعة إلى بيان كون المجىء من جهته تعالى العالية والتشويق إلى الجائى ولأن فيه نوع طول يخل تقديمه بتجاوب النظم الكريم والمبين من بان اللازم بمعنى ظهر فمعناه الظاهر الإعجاز ويجوز أن يكون من المتعدى فمعناه المظهر ماكان خافيا عليهم .
يهدى به الله توحيد الضمير لاتحاد المرجع بالذات أو لكونهما فى حكم الواحد أو لكون المراد يهدى بما ذكر وتقديم المجرور للاهتمام نظرا إلى المقام وإظهار الاسم الجليل لإظهار كمال الاعتناء بأمر الهداية ومحل الجملة الرفع على أنها صفة ثانية لكتاب أو النصب على الحالية منه لتخصيصه بالصفة .
وجوز أبو البقاء أن تكون حالا من رسولنا بدلا من يبين وأن تكون حالا من الضمير فى يبين وأن تكون حالا من الضمير فى مبين وأن تكون صفة لنور من اتبع رضوانه أى من علم الله تعالى أنه يريد اتباع رضا الله تعالى بالإيمان به و من موصولة أو موصوفة سبل السلامة أى طرق السلامة من كل مخافة قاله الزجاج فالسلام مصدر بمعنى السلامة .
وعن الحسن والسدى أنه أسمه تعالى ووضع المظهر ووضع المظهر موضع المضمر ردا على اليهود والنصارى والواصفين له سبحانه بالنقائص تعالى عما يقولون علوا كبيرا والمراد حينئذ بسبله تعالى شرائعه سبحانه التى شرعها لعباده D ونصبها قيل : على أنها مفعول ثان ليهدى على إسقاط حرف الجر نحو واختار موسى وقومه .
وقيل : إنها بدل من رضوان بدل كل من كل أو بعض من كل أو اشتمال والرضوان بكسر الراء وضمنها لغتان وقد قرىء بهما و السبل بضم الباء والتسكين لغة وقد قرىء به ويخرجهم الضمير المنصوب عائد إلى من والجمع باعتبار المعنى كما أن افراد الضمير المرفوع فى اتبع باعتبار اللفظ .
من الظلمات إلى النور أى من فنون الكفر والضلال إلى الإيمان بإذنه أى بارادته أو بتوفيقه .
ويهيدهم إلى صراط مستقيم وهو دين الاسلام الموصل إلى الله تعالى كما قاله الحسن وفى إرشاد العقل السليم وهذه الهداية عين الهداية إلى سبل السلام وإنما عطفت عليها تنزيلا للتغاير الوصفى منزلة التغاير الذاتى كما فى قوله : فلما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ .
وقال الجبائى : المراد بالصراط المستقيم طرق الجنة لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم لاغير المسيح كما يقال : الكرم هو التقوى وأن الله تعالى هو الدهر أى الجالب للحوادث لاغير الجالب فالقصر هنا للمسند اليه على المسند بخلاف قولك : زيد هو المنطلق فان معناه لاغير زيد والقائلون لذلك على ماهو المشهور هم اليعقوبية المدعون بأن الله سبحانه قد يحل فى بدن إنسان معين أو فى روحه .
وقيل : لم يصرح بهذا القول أحد من النصارى ولكن لما زعموا أن فيه لاهوتا مع تصريحهم بالوحدة وقولهم : لاإله إلا واحد لزمهم أن الله سبحانه هو المسيح فنسب اليهم لازم قولهم توضيحا لجهلهم وتفضيحا لمعتقدهم وقال الراغب : فان قيل : إن أحدا لم يقل الله تعالى هو المسيح وإن قالوا المسيح هو الله تعالى وذلك أن عندهم أن المسيح من لاهوت وناسوت فيصح أن يقال المسيح هو اللاهوت وهو ناسوت كما صح أن يقال : الانسان