والاثنين وما فوقهما والتعبير عنهم بعنوان أهلية الكتاب للتشنيع فان أهلية الكتاب من موجبات مراعاته والعمل بمقتضاه وبيان مافيه من الأحكام وقد فعلوا وهم يعلمون قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلّم والتعبير عنه بذلك مع الإضافة إلى ضمير العظمة للتشريف والايذان بوجوب اتباعه E يبين لكم حال من رسولنا وإيثار الفعلية للدلالة على تجدد البيان أى حال كونه مبينا لكم على سبيل التدريج حسبما تقتضيه المصلحة كثيرا كنتم تخفون من الكتاب أى التوراة والانجيل وذلك كنعت النبى A وآية الرجم وبشارة عيسى بأحمد عليهما الصلاة والسلام وأخرج ابن جرير عن عكرمة أنه قال : إن نبى الله تعالى A أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال عن الرجم فقال E : أيكم أعلم فأشاروا إلى ابن صوريا فناشده بالذى أنزل التوراة على موسى E والذى رفع الطور وبالمواثيق التى أخذت عليهم حتى أخذه أفكل فقال : إنه لما كثر فينا جلدنا مائة وحلقنا الرءوس فحكم عليهم بالرجم فأنزل الله تعالى هذه الآية وتأخير كثيرا عن الجار والمجرور لما مر غير مرة والجمع بين صيغتى الماضى والمستقبل للدلالة على استمرارهم على الكتم والاخفاء و مما متعلق بمحذوف وقع صفة لكثيرا وما موصولة اسمية ومابعدها صلتها والعائد محذوف ومن الكتاب حال من ذلك المحذوف أى يبين لكم كثيرا من الذى تخفونه على الاستمرار حال كونه من الكتاب الذى أنتم أهله والعاكفون عليه ويعفوا عن كثير أى ولا يظهر كثيرا مما تخفونه إذا لم تدع اليه داعية دينية صيانة لكم عن زيادة الافتضاح وقال الحسن : أى يصفح عن كثير منكم ولايؤاخذه إذا تاب واتبعه وأخرج ابن حميد عن قتادة مثله واعترض أنه مخالف للظاهر لأن الظاهر أن يكون هذا الكثير كالكثير السابق وفيه نظر كما قال الشهاب لأن النكرة إذا أعيدت نكرة فهى متغايرة نعم اختار الأول الجبائى وجماعة المفسرين والجملة معطوفة على الجملة الحالية داخلة فى حكمها قد جاءكم من الله نور عظيم وهو نور الأنوار والنبى المختار A وإلى هذا ذهب قتادة واختاره الزجاج وقال أبو على الجبائى : عنى بالنور القرآن لكشفه وإظهاره طرق الهدى واليقين واقتصر على ذلك الزمخشرى وعليه فالعطف فى قوله تعالى : وكتاب مبين لتنزيل المغايرة بالعنوان منزلة المغايرة بالذات وأما على الأول فهو ظاهر وقال الطيبى : إنه أوفق لتكرير قوله سبحانه : قد جاءكم بغير عاطف فعلق به أولا وصف الرسول والثان وصف الكتاب وأحسن منه ماسلكه الراغب حيث قال : بين فى الآية الأولى والثانية النعم الثلاث التى خص بها العباد النبوة والعقل والكتاب وذكر فى الآية الثالثة ثلاثة أحكام يرجع كل واحد إلى نعمة مما تقدم فيهدى به إلى آخره يرجع إلى قوله سبحانه : قد جاءكم رسولنا ويخرجهم الخ يرجع إلى قوله تعالى : قد جاءكم رسولنا ويخرجهم الخ يرجع إلى قوله تعالى : قد جاءكم نور ويديهم يرجع إلى قوله عز شأنه : وكتاب مبين كقوله : هدى للمتقين انتهى .
وأنت تعلم أنه لادليل لهذا الإرجاع سوى اعتبار الترتيب اللفظى ولو أرجعت الأحكام الثلاثة إلى الأول لم يمتنع ولايبعد عندى أن يراد بالنور والكتاب المبين النبى A والعطف عليه كالعطف على ماقاله الجبائى ولاشك فى صحة إطلاق كل عليه E ولعلك تتوقف فى قبوله من باب