هو حيوان مع تركبه من العناصر ولايصح أن يقال : اللاهوت هو المسيح كما لايصح أن يقال : الحيوان هو الانسان قيل : إنهم قالوا هو المسيح على وجه آخر غير ماذكرت وهو ماروى عن محمد بن كعب القرظى أنه لما رفع عيسى E اجتمع طائفة من علماء بنى إسرائيل فقالوا : ماتقولون فى عيسى E فقال أحدهم : أو تعلمون أحدا يحيى الموتى إلا الله تعالى فقالوا : لا فقال : أو تعلمون أحدا يبرىء الاكمه والأبرص إلا الله تعالى قالوا : لا قالوا : فما الله تعالى إلا من هذا وصفه أى حقيقة الآليهة فيه وهذا كقولك : الكريم زيد أى حقيقة الكرم فى زيد وعلى هذا قولهم : إن الله هو المسيح انتهى وأنت تعلم أنه مع دعوى أن القائلين بالاتحاد يقولون بانحصار المعبود فى المسيح كماهو ظاهر النظم لايرد شىء قل يا محمد تبكيتا لهم وإظهار لبطلان قولهم الفاسد وإلقاما لهم الحجر وقد يقال : الخطاب لكل من له أهلية ذلك والفاء فى قوله تعالى : فمن يملك من الله شيئا عاطفة على مقدر أو جواب شرط محذوف ومن استفهامية للانكار والتوبيخ والملك الضبط والحفظ التام عن حزم والمراد هنا فمن يمنع أو يستطيع كما فى قوله : أصبحت لاأحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا و من الله متعلق به على حذف مضاف أى ليس الأمر كذلك أو إن كان كما تزعمون فمن يمنع من قدرته تعالى وإرادته شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعا ومن حق من يكون إلها أن لايتعلق به ولابشأن من شئونه بل بشىء من الموجودات قدرة غيره فضلا عن أن يعجز عن دفع شىء منها عند تعلقها بهلاكه فلما كان عجزه بينا لاريب فيه ظهر كونه بمعزل عما تقولون فيه .
والمراد بالإهلاك الإماتة والإعدام مطلقا لا عن سخط وغضب وإظهار المسيح على الوجه الذى نسبوا إليه الألوهية حيث ذكرت معه الصفة فى مقام الاضمار لزيادة التقرير والتنصيص على أنه من تلك الحيثية بعينها داخل تحت قهره تعالى وملكوته سبحانه وقيل : وصفه بذلك للتنبيه على أنه حادث تعلقت به القدرة بلا شبهة لأنه تولد من أم وتخصيص الأم بالذكر مع اندراجها فى عموم المعطوف لزيادة تأكيد عجز المسيح ولعل نظمها فى سلك من فرض إهلاكهم مع تحقق هلاكها قبل لتأكيد التبكيت وزيادة تقرير مضمون الكلام بجعل حالها أنموذجا لحال بقية من فرض إهلاكه وتعميم إرادة الإهلاك مع حصول الغرض بقصرها على عيسى E لتهويل الخطب وإظهار كمال العجز ببيان أن الكل تحت قهره وملكوته تعالى لايقدر على دفع ماأريد به فضلا عما أريد بغيره وللايذان بأن المسيح أسوة لسائر المخلوقات فى كونه عرضة للهلاك كما أنه أسوة لهم فى العجز وعدم استحقاق الألوهية قاله المولى أبو السعود و جميعا حال من المتعاطفات وجوز أن يكون حالا من من فقط لعمومها وقوله تعالى : ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما أى مابين طرفى العالم الجسمانى فيتناول ما فى السماوات من الملائكة وغيرها ومافى أعماق الأرض والبحار من المخلوقات قيل : تنصيص على كون الكل تحت قهره تعالى وملكوته إثر الاشارة إلى كون البعض كذلك أى له تعالى وحده ملك جميع الموجودات والتصرف المطلق فيها إيجادا وإعداما وإحياءا وإماتة لا لأحد سواه استقلالا ولا اشتراكا فهو تحقيق لاختصاص الألوهية به تعالى إثر بيان انتفائها عما سواه وقيل : دليل آخر على نفى ألوهية عيسى E لأنه لو كان إلها كان