وفى الآية من الالتباس غير حاصل وثالثها أن اجر بالجوار انما يكون بدون حرف العطف وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب وردوا قراءة النصب إلى قراءة الجر فقالوا : انها تقتضى المسح أيضا لأن العطف حينئذ على محل الرءوس لقربه فيتشار كان فى الحكم وهذا مذهب مشهور للنحاة ثم قالوا أولا : يجوز رفع ذلك بالإخبار لأنها بأسرها من باب الآحاد ونسخ القرآن بخبر الواحد لايجوز ثم قال الإمام : وأعلم أنه لايمكن الجواب عن هذا إلا من وجهين : الأول أن الأخبار الكثيرة وردتت بإيجاب الغسل والغسل مشتمل على المسح ولاينعس فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير اليه وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الأرجل يقوم مقام مسحها والثانى أن فرض الأرجل محدود إلى الكعبين والتحديد إنما جاء فى الغسل لافى المسح والقوم أجابوا عنه من وجهين : الأول أن الكعب عبارة عن العظم الذى تحت مفصل القدم وعلى هذا التقدير يجب المسح على ظهر القدمين والثانى أنهم أسلموا أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبى الساق إلا أنهم التزموا أنه يجب أن المسح ظهور القدمين إلى هذين الموضعين وحينئذ لايبقى هذا السؤال انتهى .
ولايخفى أن بحث الغسل والمسح مما كثر فيه الخصام وطالما زلت فيه أقدام وماذكره الإمام C تعالى يدل على أنه راجل فى هذا الميدان وضالع لايطيق العروج إلى شاوى ضليع تحقيق تبتهج به الخواطر والاذهان فلنبسط الكلام فى تحقيق ذلك رغما لأنوف الشيعة السالكين من السبل كل سبيل حالك فنقول وبالله تعالى التوفيق وبيده أزمة التحقيق : إن القراءتين متواترتان باجماع الفريقين بل باطباق أهل الاسلام كلهم ومن القواعد الأصولية عند الطائفتين أن القراءتين المتواترتين إذا تعارضتا فى آية واحدة فلهما حكم آيتين فلابد لنا أن نسعى ونجتهد فى تطبيقهما أولا مهما أمكن لأن الأصل فى الدلائل الاعمال دون الإهمال كما تقرر عند أهل الاصول ثم نطلب بعد ذلك الترجيح بينهما ثم إذا لم يتيسر لنا الترجيح بينهما نتركهما ونتوجه إلى الدلائل الأخر من السنة وقد ذكر الأصوليين أن الآيات إذا تعارضت بحيث لايمكن التوفيق ثم الترجيح بينهما يرجع إلى السنة فانها لما لم لنا العمل بها صارت معدومة فى حقنا من حيث العمل وإن تعارضت السنة كذلك نرجع إلى أقوال الصحابة وأهل البيت أو نرجع إلى القياس عند القائلين بأن قياس المجتهد يعمل به عند التعارض فلما تأملنا فى هاتين القراءتين فى الآية وجدنا التطبيق بينهما بقواعدنا من وجهين : الأول أن يحمل المسح على الغسل كما صرح به أبو زيد الانصارى وغيره من أهل اللغة فيقال للرجل إذا توضأ تمسح ويقال : مسح الله تعالى مابك أى أزال عنك المرض المطر إذا غسلها فاذا عطفت الأرجل على الرءوس فى قراءة الجر لايتعين كونها ممسوحة بالمعنى الذى يدعيه الشيعة .
واعترض ذلك من وجوه : أولها أن فائدة اللفظين فى اللغة والشرع مختلفة وقد فرق الله تعالى بين الأعضاء المغسولة والممسوحة فكيف يكون معنى الغسل والمسح واحدا ! وثانيها أن الأرجل إذا كانت معطوفة على الرءوس وكان الفرض فى الرءوس المسح الذي ليس بغسل بلا خوف وجب أن يكن حكم الأرجل كذلك وإلا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وثالثها أنه لوكان المسح بمعنى الغسل يسقط الاستدلال على الغسل بخبر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم غسل رجليه لأنه على هذا يمكن أن يكون مسحها فسمى المسح غسلا .
ورابعها أن استشهاد أبى زيد بقولهم : تمسحت للصلاة لايجدى نفعا لاحتمال أنهم لما أرادوا أن يخبروا